إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء
إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء استئناف كلام سيق لبيان سعة علمه تعالى، وإحاطته بجميع ما في العالم من الأشياء التي من جملتها ما صدر عنهم من الكفر والفسوق سرا وجهرا إثر بيان كمال قدرته وعزته، تربية لما قبله من الوعيد وتنبيها على أن الوقوف على بعض المغيبات، كما كان في عيسى عليه السلام بمعزل من بلوغ رتبة الصفات الإلهية، وإنما عبر عن علمه عز وجل بما ذكر بعدم خفائه عليه كما في قوله سبحانه: وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء إيذانا بأن علمه تعالى بمعلوماته - وإن كانت في أقصى الغايات الخفية - ليس من شأنه أن يكون على وجه يمكن أن يقارنه شائبة خفاء بوجه من الوجوه كما في علوم المخلوقين، بل هو في غاية الوضوح والجلاء. والجملة المنفية خبر لإن، وتكرير الإسناد لتقوية الحكم، وكلمة في متعلقة بمحذوف وقع صفة لشيء مؤكدة لعمومه المستفاد من وقوعه في سياق النفي، أي: لا يخفى عليه شيء ما، كائن في الأرض ولا في السماء أعم من أن يكون ذلك بطريق الاستقرار فيهما أو الجزئية منهما، وقيل: متعلقة بـ "يخفى" وإنما عبر بهما عن كل العالم لأنهما قطراه، وتقديم الأرض على السماء لإظهار الاعتناء بشأن أحوال أهلها، وتوسيط حرف النفي بينهما للدلالة على الترقي من الأدنى إلى الأعلى باعتبار القرب والبعد منا المستدعيين للتفاوت بالنسبة إلى علومنا.