بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
بنصر الله وتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له، وغيظ من شمت بهم من كفار مكة ، وكون ذلك من دلائل غلبة المؤمنين على الكفار، وقيل: نصر الله إظهار صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم على فارس، وقيل: نصره تعالى أنه ولى بعض الظالمين بعضا وفرق بين كلمتهم حتى تناقصوا وتفانوا، وفل كل منهم شوكة الآخر، وفي ذلك قوة. وعن رضي الله عنه أنه وافق ذلك يوم أبي سعيد الخدري بدر. وفيه من نصر الله العزيز للمؤمنين وفرحهم بذلك ما لا يخفى، والأول هو الأنسب; لقوله تعالى: ينصر من يشاء . أي: من يشاء أن ينصره من عباده على عدوه، ويغلبه عليه فإنه استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى: "لله الأمر من قبل ومن بعد" وهو العزيز المبالغ في العزة والغلبة، فلا يعجزه من يشاء أن ينصر عليه كائنا من كان. الرحيم المبالغ في الرحمة فينصر من يشاء أن ينصره، أي فريق كان. والمراد بالرحمة هي الدنيوية. أما على القراءة المشهورة فظاهر لما أن كلا الفريقين لا يستحق الرحمة الأخروية. وأما على القراءة الأخيرة فلأن المسلمين وإن كانوا مستحقين لها، لكن المراد ههنا نصرهم الذي هو من آثار الرحمة الدنيوية، وتقديم وصف العزة لتقدمه في الاعتبار.