وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده بعد موتهم. وتكريره لزيادة التقرير، والتمهيد لما بعده من قوله تعالى: وهو أهون عليه أي: بإضافة إلى قدركم. والقياس على أصولكم، وإلا فهما عليه سواء. وقيل: "أهون" بمعنى هين. وتذكير الضمير مع رجوعه إلى الإعادة لما أنها مؤولة بأن يعيد. وقيل: هو راجع إلى الخلق وليس بذاك، وأما ما قيل من أن الإنشاء بطريق التفضل الذي يتخير فيه الفاعل بين الفعل، والترك والإعادة من قبيل الواجب الذي لا بد من فعله حتما، فكان أقرب إلى الحصول من الإنشاء المتردد بين الحصول وعدمه فبمعزل من التحصيل إذ ليس المراد بأهونية الفعل أقربيته إلى الوجود باعتبار كثرة الأمور الداعية للفاعل إلى إيجاده، وقوة اقتضائها لتعلق قدرته به بل أسهلية تأتيه، وصدوره عنه بعد تعلق قدرته بوجوده، وكونه واجبا بالغير. ولا تفاوت في ذلك بين أن يكون ذلك التعليق بطريق الإيجاب، أو بطريق الاختيار. وله المثل الأعلى أي: الوصف الأعلى العجيب الشأن من القدرة العامة، والحكمة التامة، وسائر صفات الكمال التي ليس لغيره ما يدانيها فضلا عما يساويها. ومن فسره بقول: "لا إله إلا الله" أراد به الوصف بالوحدانية. في السماوات والأرض متعلق بمضمون الجملة المتقدمة على معنى أنه تعالى قد وصف به، وعرف فيهما على ألسنة الخلائق، وألسنة الدلائل، وقيل: متعلق بالأعلى، وقيل: بمحذوف. هو حال منه، أو من المثل، أو من ضميره في الأعلى. وهو العزيز القادر الذي لا يعجز عن بدء ممكن، وإعادته. [ ص: 59 ] الحكيم الذي يجري الأفعال على سنن الحكمة والمصلحة.