إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير
إن الله عنده علم الساعة علم وقت قيامها؛ لما روي أن الحرث بن عمرو أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة؟ وإني قد ألقيت حباتي في الأرض. فمتى السماء تمطر؟ وحمل امرأتي ذكر أم أنثى؟ وما أعمل غدا؟ وأين أموت؟ فنزلت. وعنه صلى الله عليه وسلم: وتلا هذه الآية: «مفاتح الغيب خمس» وينزل الغيث في إبانه الذي قدره، وإلى محله الذي عينه في علمه، وقرئ: (ينزل) من الإنزال. ويعلم ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، تام أو ناقص. وما تدري نفس من النفوس ماذا تكسب غدا من خير أو شر؟ وربما تعزم على شيء منهما فتفعل خلافه. وما تدري نفس بأي أرض تموت كما لا تدري في أي وقت تموت.
روي أن ملك الموت مر على سليمان عليهما السلام فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه. فقال الرجل: من هذا؟ قال: ملك الموت. فقال: كأنه يريدني؟ فمر الريح أن تحملني وتلقيني ببلاد الهند. ففعل، ثم قال الملك لسليمان عليهما السلام: كان دوام نظري إليه تعجبا منه حيث كنت أمرت بأن أقبض روحه بالهند، وهو عندك.
ونسبة العلم إلى الله تعالى، والدراية إلى العبد للإيذان بأنه إن أعمل حيله، وبذل في التعرف وسعه لم يعرف ما هو لاحق به من كسبه وعاقبته، فكيف بغيره مما لم ينصب له دليل عليه؟ وقرئ: (بأية أرض) وشبه تأنيثها بتأنيث كل في كلتهن. سيبويه إن الله عليم مبالغ في العلم فلا يعزب عن علمه شيء من الأشياء التي من جملتها ما ذكر. خبير يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة، وأعطي من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف، ونهى عن المنكر».