تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون
تتجافى جنوبهم أي: تنبو وتتنحى. عن المضاجع أي: الفرش، ومواضع المنام. والجملة مستأنفة لبيان بقية محاسنهم، وهم المتهجدون بالليل. قال رضي الله عنه: نزلت فينا معاشر أنس الأنصار ; كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي [ ص: 85 ] العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أيضا رضي الله عنه أنه قال: نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وهي صلاة الأوابين. وهو قول أنس أبي حازم، وهو مروي عن ومحمد بن المنكدر. رضي الله عنهما. وقال ابن عباس هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر في جماعة. والمشهور أن المراد منه صلاة الليل، وهو قول عطاء: الحسن، ومجاهد، ومالك، والأوزاعي، وجماعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وعن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل». وعنه صلى الله عليه وسلم: «قيام العبد من الليل». «إذا جمع الله الأولين والآخرين، جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، فيقومون وهم قليل، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء، فيقومون وهم قليل، فيسرحون جميعا إلى الجنة، ثم يحاسب سائر الناس». وقوله تعالى: يدعون ربهم حال من ضمير «جنوبهم»، أي: داعين له تعالى على الاستمرار; خوفا من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته، وطمعا في رحمته. ومما رزقناهم من المال ينفقون في وجوه البر والحسنات.