يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا أي: السعة والتنعم فيها. وزينتها وزخارفها. فتعالين أي: أقبلن بإرادتكن واختياركن لإحدى الخصلتين، كما يقال: أقبل يخاصمني، وذهب يكلمني، وقام يهددني. أمتعكن بالجزم جوابا للأمر، وكذا وأسرحكن أي: أعطكن المتعة، وأطلقكن. سراحا جميلا طلاقا من غير ضرار، وقرئ بالرفع على الاستئناف، روي أنهن سألنه صلى الله عليه وسلم ثياب الزينة، وزيادة النفقة، فنزلت. فبدأ بعائشة [ ص: 101 ] فخيرها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، ثم اختارت الباقيات اختيارها فشكر لهن الله ذلك، فنزل لا يحل لك النساء من بعد واختلف في أن هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق إليهن، حتى يقع الطلاق بنفس الاختيار أو لا؟ فذهب الحسن ، وأكثر أهل العلم. إلى أنه لم يكن تفويض الطلاق، وإنما كان تخييرا لهن بين الإرادتين على أنهن إن أردن الدنيا فارقهن صلى الله عليه وسلم. كما ينبئ عنه قوله تعالى: وقتادة فتعالين أمتعكن وأسرحكن وذهب آخرون إلى أنه كان تفويضا للطلاق إليهن حتى لو أنهن اخترن أنفسهن، كان ذلك طلاقا، وكذا اختلف في حكم التخيير، فقال ابن عمر، وابن مسعود، ، رضي الله عنهم: إذا خير رجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء أصلا، ولو اختارت نفسها وقعت طلقة بائنة عندنا، ورجعية عند وابن عباس . وهو قول الشافعي عمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وسفيان. وروي عن أنها إن اختارت زوجها يقع طلقة واحدة، وإن اختارت نفسها يقع ثلاث طلقات، وهو قول زيد بن ثابت ورواية عن الحسن، وروي عن مالك. رضي الله عنه أنها إن اختارت زوجها فواحدة رجعية، وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وروي عنه أيضا أنها إن اختارت زوجها لا يقع شيء أصلا، وعليه إجماع فقهاء الأمصار. وقد روي علي رضي الله عنها: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، ولم يعده طلاقا. عائشة وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم، وفيه قطع لمعاذيرهن من أول الأمر، والمتعة في المطلقة التي لم يدخل بها ، ولم يفرض لها صداق عند العقد واجبة عندنا، وفيما عداهن مستحبة. وهي درع وخمار وملحفة بحسب السعة والإقتار، إلا أن يكون نصف مهرها أقل من ذلك فحينئذ يجب لها الأقل منهما، ولا ينقص عن خمسة دراهم.
عن