إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد
إذ عرض عليه راجع إليه عليه الصلاة والسلام قطعا، و "إذ" منصوب باذكر، أي : اذكر ما صدر عنه إذ عرض عليه . بالعشي هو من الظهر إلى آخر النهار . الصافنات فإنه يشهد بأنه أواب، وقيل : ظرف لـ "أواب"، وقيل : لـ "نعم" . وتأخير "الصافنات" عن الظرفين لما مر مرارا من التشويق إلى المؤخر، والصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل، وهو من الصفات المحمودة في الخيل لا يكاد ينفق إلا في العراب الخلص وقيل : هو الذي يجمع يديه ويسويهما، وأما الذي يقف على سنبكه فهو المخيم . الجياد جمع جواد وجود، وهو الذي يسرع في جريه، وقيل : الذي يجود عند الركض، وقيل : وصفت بالصفون والجودة لبيان جمعها بين الوصفين المحمودين واقفة وجارية، أي : إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعا خفافا في جريها، وقيل : هو جمع جيد . روي أنه عليه الصلاة والسلام غزا أهل دمشق ونصيبين وأصاب ألف فرس، وقيل : أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه، وقيل : خرجت من البحر لها أجنحة فقعد يوما بعدما صلى الظهر على كرسيه فاستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر، أو عن ورد كان له من الذكر وقتئذ . وتهيبوه فلم يعلموه فاغتم لما فاته فاستردها فعقرها، تقربا لله تعالى، وبقي مائة فما في أيدي الناس من الجياد، فمن نسلها، وقيل : لما عقرها أبدله الله خيرا منها، وهي الريح تجري بأمره .