ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما
ولولا فضل الله عليك ورحمته بإعلامك ما هم عليه بالوحي وتنبيهك على الحق. وقيل: بالنبوة والعصمة. لهمت طائفة منهم أي: من بني ظفر وهم الذابون عن طعمة، وقد جوز أن يكون المراد بالطائفة كلهم ويكون الضمير راجعا إلى الناس. وقيل: هم وفد بني ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: جئناك لنبايعك على أن لا تكسر أصنامنا ولا تعشرنا فردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن يضلوك أي: بأن يضلوك عن القضاء بالحق مع علمهم بكنه الأمر والجملة جواب "لولا" وإنما نفى همهم مع أن المنفي إنما هو تأثيره فقط إيذانا بانتفاء تأثيره بالكلية. وقيل: المراد هو الهم المؤثر ولا ريب في انتفائه حقيقة. وقيل: الجواب محذوف أي: لأضلوك. وقوله تعالى: لهمت جملة مستأنفة، أي: لقد همت طائفة إلخ. وما يضلون إلا أنفسهم لاقتصار وبال مكرهم عليهم من غير أن يصيبك منهم شيء والجملة اعتراض وقوله تعالى: وما يضرونك من شيء عطف عليه ومحل الجار والمجرور النصب على المصدرية، أي: وما يضرونك شيئا من الضرر لما أنه تعالى عاصمك، وأما ما خطر ببالك فكان عملا منك بظاهر الحال ثقة بأقوال القائلين من غير أن يخطر ببالك أن الحقيقة على خلاف ذلك. وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة أي: القرآن الجامع بين العنوانين. وقيل: المراد بالحكمة السنة. وعلمك بالوحي من خفيات الأمور التي من جملتها وجوه إبطال كيد المنافقين أو من أمور الدين وأحكام الشرع. ما لم تكن تعلم ذلك إلى وقت التعليم. وكان فضل الله عليك عظيما إذ لا فضل أعظم من النبوة العامة والرياسة التامة.