nindex.php?page=treesubj&link=29706_30549_32409_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين nindex.php?page=treesubj&link=29706_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين nindex.php?page=treesubj&link=28723_29706_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم nindex.php?page=treesubj&link=34426_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين nindex.php?page=treesubj&link=28723_29705_29706_29747_30355_30497_30532_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون nindex.php?page=treesubj&link=28723_32410_34092_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون nindex.php?page=treesubj&link=30549_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_30614_32026_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون nindex.php?page=treesubj&link=29786_30549_34199_34274_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_32016_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين
يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الذين جعلوا لله تعالى ولدا، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد، وإن ذلك باطل من عدة أوجه:
منها: أن الخلق كلهم عباده، والعبودية تنافي الولادة.
ومنها: أن الولد جزء من والده، والله تعالى بائن من خلقه، مباين لهم في صفاته ونعوت جلاله، والولد جزء من الوالد، فمحال أن يكون لله تعالى ولد.
ومنها: أنهم يزعمون أن الملائكة بنات الله، ومن المعلوم أن البنات أدون الصنفين، فكيف يكون لله البنات، ويصطفيهم بالبنين، ويفضلهم بها؟! فإذا يكونون أفضل من الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومنها: أن الصنف الذي نسبوه لله، وهو البنات، أدون الصنفين، وأكرههما لهم، حتى إنهم من كراهتهم لذلك " إذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا
[ ص: 1606 ] ظل وجهه مسودا " من كراهته وشدة بغضه، فكيف يجعلون لله ما يكرهون؟
ومنها: أن الأنثى ناقصة في وصفها، وفي منطقها وبيانها، ولهذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أومن ينشأ في الحلية أي: يجمل فيها، لنقص جماله، فيجمل بأمر خارج عنه؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18وهو في الخصام أي: عند الخصام الموجب لإظهار ما عند الشخص من الكلام،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18غير مبين أي: غير مبين لحجته، ولا مفصح عما احتوى عليه ضميره، فكيف ينسبونهن لله تعالى؟
ومنها: أنهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثا، فتجرأوا على الملائكة، العباد المقربين، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل، إلى مرتبة المشاركة لله، في شيء من خواصه، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله.
ومنها: أن الله رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق الله لملائكته، فكيف يتكلمون بأمر من المعلوم عند كل أحد، أنه ليس لهم به علم؟! ولكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة، وستكتب عليهم، ويعاقبون عليها.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم فاحتجوا على عبادتهم الملائكة بالمشيئة، وهي حجة لم يزل المشركون يطرقونها، وهي حجة باطلة في نفسها، عقلا وشرعا. فكل عاقل لا يقبل الاحتجاج بالقدر، ولو سلكه في حالة من أحواله لم يثبت عليها قدمه.
وأما شرعا، فإن الله تعالى أبطل الاحتجاج به، ولم يذكره عن غير المشركين به المكذبين لرسله، فإن الله تعالى قد أقام الحجة على العباد، فلم يبق لأحد عليه حجة أصلا ولهذا قال هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون أي: يتخرصون تخرصا لا دليل عليه، ويتخبطون خبط عشواء.
ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون يخبرهم بصحة أفعالهم، وصدق أقوالهم؟ ليس الأمر كذلك، فإن الله أرسل محمدا نذيرا إليهم، وهم لم يأتهم نذير غيره، أي: فلا عقل ولا نقل، وإذا انتفى الأمران، فلا ثم إلا الباطل.
نعم، لهم شبهة من أوهى الشبه، وهي تقليد آبائهم الضالين، الذين ما
[ ص: 1607 ] زال الكفرة يردون بتقليدهم دعوة الرسل، ولهذا قال هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة أي: على دين وملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22وإنا على آثارهم مهتدون أي: فلا نتبع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها أي: منعموها، وملأها الذين أطغتهم الدنيا، وغرتهم الأموال، واستكبروا على الحق.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون أي: فهؤلاء ليسوا ببدع منهم، وليسوا بأول من قال هذه المقالة.
وهذا الاحتجاج من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به اتباع الحق والهدى، وإنما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل.
ولهذا كل رسول يقول لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أي: فهل تتبعوني لأجل الهدى؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فعلم بهذا، أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى، وإنما قصدهم اتباع الباطل والهوى.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانتقمنا منهم بتكذيبهم الحق، وردهم إياه بهذه الشبهة الباطلة.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانظر كيف كان عاقبة المكذبين فليحذر هؤلاء أن يستمروا على تكذيبهم، فيصيبهم ما أصابهم.
nindex.php?page=treesubj&link=29706_30549_32409_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=29706_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29706_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=34426_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29705_29706_29747_30355_30497_30532_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_32410_34092_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30549_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_30614_32026_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29786_30549_34199_34274_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_32016_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ شَنَاعَةِ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَدًا، وَهُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَفُوًا أَحَدٌ، وَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ:
مِنْهَا: أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عِبَادُهُ، وَالْعُبُودِيَّةُ تُنَافِي الْوِلَادَةَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْ وَالِدِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، مُبَايِنٌ لَهُمْ فِي صِفَاتِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنَ الْوَالِدِ، فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَدٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَنَاتَ أَدْوَنُ الصِّنْفَيْنِ، فَكَيْفَ يَكُونُ لِلَّهِ الْبَنَاتُ، وَيَصْطَفِيهِمْ بِالْبَنِينَ، وَيُفَضِّلُهُمْ بِهَا؟! فَإِذَا يَكُونُونَ أَفْضَلَ مِنَ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الصِّنْفَ الَّذِي نَسَبُوهُ لِلَّهِ، وَهُوَ الْبَنَاتُ، أَدْوَنُ الصِّنْفَيْنِ، وَأَكْرَهُهُمَا لَهُمْ، حَتَّى إِنَّهُمْ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ " إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا
[ ص: 1606 ] ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا " مِنْ كَرَاهَتِهِ وَشَدَّةِ بُغْضِهِ، فَكَيْفَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ؟
وَمِنْهَا: أَنَّ الْأُنْثَى نَاقِصَةٌ فِي وَصْفِهَا، وَفِي مَنْطِقِهَا وَبَيَانِهَا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ أَيْ: يُجَمَّلُ فِيهَا، لِنَقْصِ جَمَالِهِ، فَيَجْمُلُ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18وَهُوَ فِي الْخِصَامِ أَيْ: عِنْدَ الْخِصَامِ الْمُوجِبِ لِإِظْهَارِ مَا عِنْدَ الشَّخْصِ مِنَ الْكَلَامِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18غَيْرُ مُبِينٍ أَيْ: غَيْرُ مُبَيِّنٍ لِحُجَّتِهِ، وَلَا مُفْصِحٍ عَمَّا احْتَوَى عَلَيْهِ ضَمِيرُهُ، فَكَيْفَ يَنْسِبُونَهُنَّ لِلَّهِ تَعَالَى؟
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ اللَّهِ إِنَاثًا، فَتَجَرَّأُوا عَلَى الْمَلَائِكَةِ، الْعِبَادِ الْمُقَرَّبِينَ، وَرَقَّوْهُمْ عَنْ مَرْتَبَةِ الْعِبَادَةِ وَالذُّلِّ، إِلَى مَرْتَبَةِ الْمُشَارَكَةِ لِلَّهِ، فِي شَيْءٍ مِنْ خَوَاصِّهِ، ثُمَّ نَزَلُوا بِهِمْ عَنْ مَرْتَبَةِ الذُّكُورِيَّةِ إِلَى مَرْتَبَةِ الْأُنُوثِيَّةِ، فَسُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ تَنَاقُضَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ وَعَانَدَ رُسُلَهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا خَلْقَ اللَّهِ لِمَلَائِكَتِهِ، فَكَيْفَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَمْرٍ مِنَ الْمَعْلُومِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ؟! وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَسَتُكْتَبُ عَلَيْهِمْ، وَيُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ فَاحْتَجُّوا عَلَى عِبَادَتِهِمِ الْمَلَائِكَةَ بِالْمَشِيئَةِ، وَهِيَ حُجَّةٌ لَمْ يَزَلِ الْمُشْرِكُونَ يَطْرُقُونَهَا، وَهِيَ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا، عَقْلًا وَشَرْعًا. فَكُلُّ عَاقِلٍ لَا يَقْبَلُ الِاحْتِجَاجَ بِالْقَدْرِ، وَلَوْ سَلَكَهُ فِي حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِهِ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا قَدَمُهُ.
وَأَمَّا شَرْعًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى الْعِبَادِ، فَلَمْ يُبْقِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حُجَّةً أَصْلًا وَلِهَذَا قَالَ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ أَيْ: يَتَخَرَّصُونَ تَخَرُّصًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَيَتَخَبَّطُونَ خَبْطَ عَشْوَاءَ.
ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ يُخْبِرُهُمْ بِصِحَّةِ أَفْعَالِهِمْ، وَصِدْقِ أَقْوَالِهِمْ؟ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّدًا نَذِيرًا إِلَيْهِمْ، وَهُمْ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ غَيْرُهُ، أَيْ: فَلَا عَقْلَ وَلَا نَقْلَ، وَإِذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ، فَلَا ثَمَّ إِلَّا الْبَاطِلُ.
نَعَمْ، لَهُمْ شُبْهَةٌ مِنْ أَوْهَى الشُّبَهِ، وَهِيَ تَقْلِيدُ آبَائِهِمُ الضَّالِّينَ، الَّذِينَ مَا
[ ص: 1607 ] زَالَ الْكَفَرَةُ يَرُدُّونَ بِتَقْلِيدِهِمْ دَعْوَةَ الرُّسُلِ، وَلِهَذَا قَالَ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ أَيْ: عَلَى دِينٍ وَمِلَّةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ أَيْ: فَلَا نَتَّبِعُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا أَيْ: مُنَعَّمُوهَا، وَمَلَأَهَا الَّذِينَ أَطْغَتْهُمُ الدُّنْيَا، وَغَرَّتْهُمُ الْأَمْوَالُ، وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى الْحَقِّ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ أَيْ: فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا بِبِدَعٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسُوا بِأَوَّلِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ.
وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الضَّالِّينَ، بِتَقْلِيدِهِمْ لِآبَائِهِمُ الضَّالِّينَ، لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِهِ اتِّبَاعَ الْحَقِّ وَالْهُدَى، وَإِنَّمَا هُوَ تَعَصُّبٌ مَحْضٌ، يُرَادُ بِهِ نُصْرَةُ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ.
وَلِهَذَا كُلُّ رَسُولٍ يَقُولُ لِمَنْ عَارَضَهُ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ الْبَاطِلَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ أَيْ: فَهَلْ تَتَبَّعُونِي لِأَجْلِ الْهُدَى؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَعَلِمَ بِهَذَا، أَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا اتِّبَاعَ الْحَقِّ وَالْهُدَى، وَإِنَّمَا قَصْدُهُمُ اتِّبَاعُ الْبَاطِلِ وَالْهَوَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ بِتَكْذِيبِهِمِ الْحَقِّ، وَرَدِّهِمْ إِيَّاهُ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ الْبَاطِلَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ فَلْيَحْذَرْ هَؤُلَاءِ أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى تَكْذِيبِهِمْ، فَيُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَهُمْ.