قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون
أي: قل يا أيها الرسول الكريم، للذين جعلوا لله ولدا، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد. قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لذلك الولد، لأنه جزء من والده، وأنا أول الخلق انقيادا للأمور المحبوبة لله، ولكني أول المنكرين لذلك، وأشدهم له نفيا، فعلم بذلك بطلانه، فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل، وأنه إذا علم أنهم أكمل الخلق، وأن كل خير فهم أول الناس سبقا إليه وتكميلا له، وكل شر فهم أول الناس تركا له وإنكارا له وبعدا منه، فلو كان على هذا للرحمن ولد وهو الحق، لكان محمد بن عبد الله، أفضل الرسل أول من عبده، ولم يسبقه إليه المشركون.
[ ص: 1621 ] ويحتمل أن معنى الآية: لو كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين لله، ومن عبادتي لله، إثبات ما أثبته، ونفي ما نفاه، فهذا من العبادة القولية الاعتقادية، ويلزم من هذا، لو كان حقا، لكنت أول مثبت له، فعلم بذلك بطلان دعوى المشركين وفسادها، عقلا ونقلا.
سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون من الشريك والظهير، والعوين، والولد، وغير ذلك، مما نسبه إليه المشركون.
فذرهم يخوضوا ويلعبوا أي: يخوضوا بالباطل، ويلعبوا بالمحال، فعلومهم ضارة غير نافعة، وهي الخوض والبحث بالعلوم التي يعارضون بها الحق وما جاءت به الرسل، وأعمالهم لعب وسفاهة، لا تزكي النفوس، ولا تثمر المعارف.
ولهذا توعدهم بما أمامهم من يوم القيامة فقال: حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون فسيعلمون فيه ماذا حصلوا، وما حصلوا عليه من الشقاء الدائم، والعذاب المستمر.