nindex.php?page=treesubj&link=27962_32423_32424_32428_32431_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون nindex.php?page=treesubj&link=18470_30532_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم
(187) الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تعالى على كل من أعطاه الله الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصا إذا سألوه، أو وقع ما يوجب ذلك، فإن كل من عنده علم يجب عليه في تلك الحال أن يبينه، ويوضح الحق من الباطل.
فأما الموفقون، فقاموا بهذا أتم القيام، وعلموا الناس مما علمهم الله، ابتغاء مرضاة ربهم، وشفقة على الخلق، وخوفا من إثم الكتمان.
وأما الذين أوتوا الكتاب، من اليهود والنصارى ومن شابههم، فنبذوا هذه العهود والمواثيق وراء ظهورهم، فلم يعبئوا بها، فكتموا الحق، وأظهروا الباطل، تجرؤا على محارم الله، وتهاونا بحقوق الله، وحقوق الخلق، واشتروا بذلك الكتمان ثمنا قليلا وهو ما يحصل لهم إن حصل من بعض الرياسات، والأموال الحقيرة، من سفلتهم المتبعين أهواءهم، المقدمين شهواتهم على الحق،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187فبئس ما يشترون لأنه أخس العوض، والذي رغبوا عنه -وهو بيان الحق، الذي فيه السعادة الأبدية، والمصالح الدينية والدنيوية- أعظم المطالب وأجلها، فلم يختاروا الدنيء الخسيس ويتركوا العالي النفيس، إلا لسوء حظهم وهوانهم، وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له.
ثم قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا أي: من القبائح والباطل القولي والفعلي.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أي: بالخير الذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، فجمعوا بين فعل الشر وقوله، والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب أي: بمحل نجوة منه وسلامة، بل قد استحقوه، وسيصيرون إليه، ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188ولهم عذاب أليم .
ويدخل في هذه الآية الكريمة أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم، ولم ينقادوا للرسول، وزعموا أنهم هم المحقون في حالهم ومقالهم، وكذلك كل من ابتدع بدعة قولية أو فعلية، وفرح بها، ودعا إليها، وزعم أنه محق وغيره مبطل، كما هو الواقع من أهل البدع.
ودلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من
[ ص: 269 ] الخير واتباع الحق، إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة، أنه غير مذموم، بل هذا من الأمور المطلوبة، التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين له الأعمال والأقوال، وأنه جازى بها خواص خلقه، وسألوها منه، كما قال
إبراهيم عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84واجعل لي لسان صدق في الآخرين وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=79سلام على نوح في العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=80إنا كذلك نجزي المحسنين وقد قال عباد الرحمن:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74واجعلنا للمتقين إماما وهي من نعم الباري على عبده، ومننه التي تحتاج إلى الشكر.
nindex.php?page=treesubj&link=27962_32423_32424_32428_32431_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=18470_30532_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(187) الْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الثَّقِيلُ الْمُؤَكَّدُ، وَهَذَا الْمِيثَاقُ أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْكُتُبَ وَعَلَّمَهُ الْعِلْمَ، أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَلَا يَكْتُمُهُمْ ذَلِكَ، وَيَبْخَلُ عَلَيْهِمْ بِهِ، خُصُوصًا إِذَا سَأَلُوهُ، أَوْ وَقَعَ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عِنْدِهِ عِلْمٌ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَنْ يُبَيِّنَهُ، وَيُوَضِّحَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ.
فَأَمَّا الْمُوَفَّقُونَ، فَقَامُوا بِهَذَا أَتَمَّ الْقِيَامِ، وَعَلَّمُوا النَّاسَ مِمَّا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ، ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِمْ، وَشَفَقَةً عَلَى الْخَلْقِ، وَخَوْفًا مِنْ إِثْمِ الْكِتْمَانِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ شَابَهَهُمْ، فَنَبَذُوا هَذِهِ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، فَلَمْ يَعْبَئُوا بِهَا، فَكَتَمُوا الْحَقَّ، وَأَظْهَرُوا الْبَاطِلَ، تَجَرُّؤًا عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ، وَتَهَاوُنًا بِحُقُوقِ اللَّهِ، وَحُقُوقِ الْخَلْقِ، وَاشْتَرَوْا بِذَلِكَ الْكِتْمَانِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَهُوَ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ إِنْ حَصَلَ مِنْ بَعْضِ الرِّيَاسَاتِ، وَالْأَمْوَالِ الْحَقِيرَةِ، مِنْ سَفَلَتِهِمُ الْمُتَّبَعِينَ أَهْوَاءَهُمْ، الْمُقَدِّمِينَ شَهَوَاتِهِمْ عَلَى الْحَقِّ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْعِوَضِ، وَالَّذِي رَغِبُوا عَنْهُ -وَهُوَ بَيَانُ الْحَقِّ، الَّذِي فِيهِ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ، وَالْمَصَالِحُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ- أَعْظَمُ الْمَطَالِبِ وَأَجَلُّهَا، فَلَمْ يَخْتَارُوا الدَّنِيءَ الْخَسِيسَ وَيَتْرُكُوا الْعَالِيَ النَّفِيسَ، إِلَّا لِسُوءِ حَظِّهِمْ وَهَوَانِهِمْ، وَكَوْنِهِمْ لَا يَصْلُحُونَ لِغَيْرِ مَا خُلِقُوا لَهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا أَيْ: مِنَ الْقَبَائِحِ وَالْبَاطِلِ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا أَيْ: بِالْخَيْرِ الَّذِي لَمْ يَفْعَلُوهُ، وَالْحَقِّ الَّذِي لَمْ يَقُولُوهُ، فَجَمَعُوا بَيْنَ فِعْلِ الشَّرِّ وَقَوْلِهِ، وَالْفَرَحِ بِذَلِكَ وَمَحَبَّةِ أَنْ يُحْمَدُوا عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ الَّذِي مَا فَعَلُوهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ أَيْ: بِمَحَلِّ نَجْوَةٍ مِنْهُ وَسَلَامَةٍ، بَلْ قَدِ اسْتَحَقُّوهُ، وَسَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَنْقَادُوا لِلرَّسُولِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْمُحِقُّونَ فِي حَالِهِمْ وَمَقَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً قَوْلِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً، وَفَرِحَ بِهَا، وَدَعَا إِلَيْهَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَغَيْرُهُ مُبْطِلٌ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ.
وَدَلَّتِ الْآيَةُ بِمَفْهُومِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ وَيُثْنَى عَلَيْهِ بِمَا فَعَلَهُ مِنَ
[ ص: 269 ] الْخَيْرِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ، إِذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِذَلِكَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ، أَنَّهُ غَيْرُ مَذْمُومٍ، بَلْ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ، الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يَجْزِي بِهَا الْمُحْسِنِينَ لَهُ الْأَعْمَالَ وَالْأَقْوَالَ، وَأَنَّهُ جَازَى بِهَا خَوَاصَّ خَلْقِهِ، وَسَأَلُوهَا مِنْهُ، كَمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=79سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=80إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَقَدْ قَالَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا وَهِيَ مِنْ نِعَمِ الْبَارِي عَلَى عَبْدِهِ، وَمِنَنِهِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى الشُّكْرِ.