nindex.php?page=treesubj&link=1342_17185_1956_28640_28723_29694_310_315_316_321_32208_32599_326_34233_6_722_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا
(43) ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، حتى يعلموا ما يقولون، وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة، كالمسجد، فإنه لا يمكن السكران من دخوله. وشامل لنفس الصلاة، فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=23462_1333لا يجوز للسكران صلاة ولا عبادة، لاختلاط عقله وعدم علمه بما يقول، ولهذا حدد تعالى ذلك وغياه إلى وجود العلم بما يقول السكران. وهذه الآية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقا، فإن الخمر -في أول الأمر- كان غير محرم، ثم إن الله تعالى عرض لعباده بتحريمه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما
ثم إنه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الآية، ثم إنه تعالى حرمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه الآية.
ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة لتضمنه هذه المفسدة العظيمة، بعد حصول مقصود الصلاة الذي هو روحها ولبها وهو الخشوع وحضور القلب، فإن الخمر يسكر القلب، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويؤخذ من المعنى منع
nindex.php?page=treesubj&link=1407الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط، الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل، بل لعل فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كل شاغل يشغل فكره، كمدافعة الأخبثين والتوق لطعام ونحوه كما ورد في ذلك الحديث الصحيح.
ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43ولا جنبا إلا عابري سبيل أي: لا تقربوا الصلاة حالة كون أحدكم
[ ص: 309 ] جنبا، إلا في هذه الحال وهو عابر السبيل أي: تمرون في المسجد ولا تمكثون فيه،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43حتى تغتسلوا أي: فإذا اغتسلتم فهو غاية المنع من قربان الصلاة للجنب، فيحل للجنب المرور في المسجد فقط.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا .
فأباح التيمم للمريض مطلقا مع وجود الماء وعدمه، والعلة المرض الذي يشق معه استعمال الماء، وكذلك السفر فإنه مظنة فقد الماء، فإذا فقده المسافر أو وجد ما يتعلق بحاجته من شرب ونحوه، جاز له التيمم.
وكذلك إذا أحدث الإنسان ببول أو غائط أو ملامسة النساء، فإنه يباح له التيمم إذا لم يجد الماء، حضرا وسفرا كما يدل على ذلك عموم الآية. والحاصل: أن الله تعالى أباح التيمم في حالتين:
حال عدم الماء، وهذا مطلقا في الحضر والسفر، وحال المشقة باستعماله بمرض ونحوه.
واختلف المفسرون في معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو لامستم النساء هل المراد بذلك: الجماع فتكون الآية نصا في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=312_338التيمم للجنب، كما تكاثرت بذلك الأحاديث الصحيحة؟ أو المراد بذلك مجرد اللمس باليد، ويقيد ذلك بما إذا كان مظنة خروج المذي، وهو المس الذي يكون لشهوة فتكون الآية دالة على نقض الوضوء بذلك؟
واستدل الفقهاء بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فلم تجدوا ماء بوجوب طلب الماء عند دخول الوقت، قالوا: لأنه لا يقال: "لم يجد" لمن لم يطلب، بل لا يكون ذلك إلا بعد الطلب، واستدل بذلك أيضا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=26676الماء المتغير بشيء من الطاهرات يجوز بل يتعين التطهر به لدخوله في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فلم تجدوا ماء وهذا ماء. ونوزع في ذلك أنه ماء غير مطلق وفي ذلك نظر.
وفي هذه الآية الكريمة مشروعية هذا الحكم العظيم الذي امتن به الله على هذه الأمة، وهو مشروعية التيمم، وقد أجمع على ذلك العلماء ولله الحمد، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=321التيمم يكون بالصعيد الطيب، وهو كل ما تصاعد على وجه الأرض سواء كان له غبار أم لا ويحتمل أن يختص ذلك بذي الغبار لأن الله قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وما لا غبار له لا يمسح به.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فامسحوا بوجوهكم وأيديكم هذا محل المسح في التيمم: الوجه جميعه واليدان إلى
[ ص: 310 ] الكوعين، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، ويستحب أن يكون ذلك بضربة واحدة، كما دل على ذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار، وفيه أن تيمم الجنب كتيمم غيره، بالوجه واليدين.
فائدة:
اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد: حفظ الصحة عن المؤذيات، والاستفراغ منها، والحمية عنها. وقد نبه تعالى عليها في كتابه العزيز.
أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي، فقد أمر بالأكل والشرب وعدم الإسراف في ذلك، وأباح
nindex.php?page=treesubj&link=2493_2494_2498للمسافر والمريض الفطر حفظا لصحتهما، باستعمال ما يصلح البدن على وجه العدل، وحماية للمريض عما يضره.
وأما استفراغ المؤذي فقد أباح تعالى للمحرم المتأذي برأسه أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه، ففيه تنبيه على استفراغ ما هو أولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم، وغير ذلك، نبه على ذلك
ابن القيم رحمه الله تعالى.
وفي الآية
nindex.php?page=treesubj&link=325_326وجوب تعميم مسح الوجه واليدين، وأنه يجوز التيمم ولو لم يضق الوقت، وأنه لا يخاطب بطلب الماء إلا بعد وجود سبب الوجوب والله أعلم.
ثم ختم الآية بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43إن الله كان عفوا غفورا أي: كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين، بتيسير ما أمرهم به، وتسهيله غاية التسهيل، بحيث لا يشق على العبد امتثاله، فيحرج بذلك.
ومن عفوه ومغفرته أن رحم هذه الأمة بشرع طهارة التراب بدل الماء، عند تعذر استعماله. ومن عفوه ومغفرته أن فتح للمذنبين باب التوبة والإنابة ودعاهم إليه ووعدهم بمغفرة ذنوبهم. ومن عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا، لأتاه بقرابها مغفرة.
nindex.php?page=treesubj&link=1342_17185_1956_28640_28723_29694_310_315_316_321_32208_32599_326_34233_6_722_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا
(43) يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَهُمْ سُكَارَى، حَتَّى يَعْلَمُوا مَا يَقُولُونَ، وَهَذَا شَامِلٌ لِقُرْبَانِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، كَالْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ السَّكْرَانُ مِنْ دُخُولِهِ. وَشَامِلٌ لِنَفْسِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=23462_1333لَا يَجُوزُ لِلسَّكْرَانِ صَلَاةٌ وَلَا عِبَادَةٌ، لِاخْتِلَاطِ عَقْلِهِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يَقُولُ، وَلِهَذَا حَدَّدَ تَعَالَى ذَلِكَ وَغَيَّاهُ إِلَى وُجُودِ الْعِلْمِ بِمَا يَقُولُ السَّكْرَانُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مَنْسُوخَةٌ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْخَمْرَ -فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ- كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَرَّضَ لِعِبَادِهِ بِتَحْرِيمِهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَهَاهُمْ عَنِ الْخَمْرِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ الْآيَةَ.
وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ يَشْتَدُّ تَحْرِيمُهُ وَقْتَ حُضُورِ الصَّلَاةِ لِتَضَمُّنِهِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ الْعَظِيمَةَ، بَعْدَ حُصُولِ مَقْصُودِ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ رُوحُهَا وَلُبُّهَا وَهُوَ الْخُشُوعُ وَحُضُورُ الْقَلْبِ، فَإِنَّ الْخَمْرَ يُسْكِرُ الْقَلْبَ، وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْمَعْنَى مَنْعُ
nindex.php?page=treesubj&link=1407الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَالِ النُّعَاسِ الْمُفْرِطِ، الَّذِي لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِمَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ، بَلْ لَعَلَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُ كُلَّ شَاغِلٍ يَشْغَلُ فِكْرَهُ، كَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ وَالتَّوْقِ لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ كَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ.
ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ أَيْ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ حَالَةَ كَوْنِ أَحَدِكُمْ
[ ص: 309 ] جُنُبًا، إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَهُوَ عَابِرُ السَّبِيلِ أَيْ: تَمُرُّونَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَمْكُثُونَ فِيهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43حَتَّى تَغْتَسِلُوا أَيْ: فَإِذَا اغْتَسَلْتُمْ فَهُوَ غَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ لِلْجُنُبِ، فَيَحِلُّ لِلْجُنُبِ الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا .
فَأَبَاحَ التَّيَمُّمَ لِلْمَرِيضِ مُطْلَقًا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ، وَالْعِلَّةُ الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ السَّفَرُ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ فَقْدِ الْمَاءِ، فَإِذَا فَقَدَهُ الْمُسَافِرُ أَوْ وَجَدَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَاجَتِهِ مِنْ شُرْبٍ وَنَحْوِهِ، جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ.
وَكَذَلِكَ إِذَا أَحْدَثَ الْإِنْسَانُ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، حَضَرًا وَسَفْرًا كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عُمُومُ الْآيَةِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ التَّيَمُّمَ فِي حَالَتَيْنِ:
حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، وَهَذَا مُطْلَقًا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفْرِ، وَحَالِ الْمَشَقَّةِ بِاسْتِعْمَالِهِ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ.
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ هَلِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ: الْجِمَاعُ فَتَكُونُ الْآيَةُ نَصًّا فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=312_338التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ، كَمَا تَكَاثَرَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ؟ أَوِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ مُجَرَّدُ اللَّمْسِ بِالْيَدِ، وَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ مَظِنَّةَ خُرُوجِ الْمَذْيِ، وَهُوَ الْمَسُّ الَّذِي يَكُونُ لِشَهْوَةٍ فَتَكُونُ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِذَلِكَ؟
وَاسْتَدَلَّ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً بِوُجُوبِ طَلَبِ الْمَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: "لَمْ يَجِدْ" لِمَنْ لَمْ يَطْلُبْ، بَلْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26676الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاهِرَاتِ يَجُوزُ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّطَهُّرُ بِهِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً وَهَذَا مَاءٌ. وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَاءٌ غَيْرُ مُطْلَقٍ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَشْرُوعِيَّةُ هَذَا الْحُكْمِ الْعَظِيمِ الَّذِي امْتَنَّ بِهِ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ مَشْرُوعِيَّةُ التَّيَمُّمِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=321التَّيَمُّمَ يَكُونُ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غُبَارٌ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِذِي الْغُبَارِ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ لَا يُمْسَحُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ هَذَا مَحَلُّ الْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ: الْوَجْهُ جَمِيعُهُ وَالْيَدَانِ إِلَى
[ ص: 310 ] الْكُوعَيْنِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارٍ، وَفِيهِ أَنَّ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ كَتَيَمُّمِ غَيْرِهِ، بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ.
فَائِدَةٌ:
اعْلَمْ أَنَّ قَوَاعِدَ الطِّبِّ تَدُورُ عَلَى ثَلَاثِ قَوَاعِدَ: حِفْظُ الصِّحَّةِ عَنِ الْمُؤْذِيَاتِ، وَالِاسْتِفْرَاغُ مِنْهَا، وَالْحِمْيَةُ عَنْهَا. وَقَدْ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.
أَمَّا حِفْظُ الصِّحَّةِ وَالْحِمْيَةِ عَنِ الْمُؤْذِي، فَقَدْ أَمَرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَعَدَمِ الْإِسْرَافِ فِي ذَلِكَ، وَأَبَاحَ
nindex.php?page=treesubj&link=2493_2494_2498لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الْفِطْرُ حِفْظًا لِصِحَّتِهِمَا، بِاسْتِعْمَالِ مَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ عَلَى وَجْهِ الْعَدْلِ، وَحِمَايَةً لِلْمَرِيضِ عَمَّا يَضُرُّهُ.
وَأَمَّا اسْتِفْرَاغُ الْمُؤْذِي فَقَدْ أَبَاحَ تَعَالَى لِلْمُحْرِمِ الْمُتَأَذِّي بِرَأْسِهِ أَنْ يَحْلِقَهُ لِإِزَالَةِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ فِيهِ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِفْرَاغِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهَا مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْقَيْءِ وَالْمَنِيِّ وَالدَّمِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ
ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=325_326وُجُوبُ تَعْمِيمِ مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ لَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ، وَأَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِطَلَبِ الْمَاءِ إِلَّا بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا أَيْ: كَثِيرَ الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، بِتَيْسِيرِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَتَسْهِيلِهِ غَايَةَ التَّسْهِيلِ، بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْعَبْدِ امْتِثَالُهُ، فَيُحْرَجُ بِذَلِكَ.
وَمِنْ عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ أَنْ رَحِمَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِشَرْعِ طَهَارَةِ التُّرَابِ بَدَلَ الْمَاءِ، عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ. وَمِنْ عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ أَنْ فَتَحَ لِلْمُذْنِبِينَ بَابَ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَوَعَدَهُمْ بِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ. وَمِنْ عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَوْ أَتَاهُ بِقِرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، لَأَتَاهُ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً.