وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون
(103 ) يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أكثر الناس ولو حرصت : على إيمانهم بمؤمنين فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة ، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ، ولو عدمت الموانع ؛ بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم ودفع الشر عنهم من غير أجر ولا عوض ، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا .
(104 ) ولهذا قال :
وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين يتذكرون به ما ينفعهم ليفعلوه ، وما يضرهم ليتركوه .
[ ص: 808 ] وكأين أي : وكم من آية في السماوات والأرض يمرون عليها : دالة لهم على توحيد الله وهم عنها معرضون .
(106 ) ومع هذا، إن وجد منهم بعض الإيمان فلا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون : فهم وإن أقروا بربوبية الله تعالى وأنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور ؛ فإنهم يشركون في ألوهية الله وتوحيده .
(107 ) فهؤلاء الذين وصلوا إلى هذه الحال لم يبق عليهم إلا أن يحل بهم العذاب ، ويفجأهم العقاب وهم آمنون ، ولهذا قال : أفأمنوا أي : الفاعلون لتلك الأفعال ، المعرضون عن آيات الله، أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أي : عذاب يغشاهم ويعمهم ويستأصلهم ، أو تأتيهم الساعة بغتة أي : فجأة ، وهم لا يشعرون أي : فإنهم قد استوجبوا لذلك ؛ فليتوبوا إلى الله ، ويتركوا ما يكون سببا في عقابهم .