nindex.php?page=treesubj&link=28723_34370_34375_3582_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم
(158) يخبر تعالى أن الصفا والمروة وهما معروفان
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158من شعائر الله أي أعلام دينه الظاهرة، التي تعبد الله بها عباده، وإذا كانا من شعائر الله فقد أمر الله بتعظيم شعائره فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله، وأن تعظيم شعائره من تقوى القلوب.
[ ص: 116 ] nindex.php?page=treesubj&link=19863والتقوى واجبة على كل مكلف، وذلك يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=33029السعي بهما فرض لازم للحج والعمرة ، كما عليه الجمهور، ودلت عليه الأحاديث النبوية وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=18285خذوا عني مناسككم "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما هذا دفع لوهم من توهم وتحرج من المسلمين عن الطواف بينهما، لكونهما في الجاهلية تعبد عندهما الأصنام، فنفى تعالى الجناح لدفع هذا الوهم، لا لأنه غير لازم.
ودل تقييد نفي الجناح فيمن تطوف بهما في الحج والعمرة، أنه لا يتطوع بالسعي مفردا إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، بخلاف الطواف بالبيت، فإنه يشرع مع العمرة والحج، وهو عبادة مفردة.
فأما السعي والوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار فإنها تتبع النسك، فلو فعلت غير تابعة للنسك كانت بدعة، لأن البدعة نوعان: نوع يتعبد لله بعبادة لم يشرعها أصلا ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة، فتفعل على غير تلك الصفة، وهذا منه.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158ومن تطوع أي: فعل طاعة مخلصا بها لله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158خيرا من حج وعمرة وطواف وصلاة وصوم وغير ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فهو خير له فدل هذا، على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30491كلما ازداد العبد من طاعة الله، ازداد خيره وكماله ودرجته عند الله، لزيادة إيمانه.
ودل تقييد التطوع بالخير أن من تطوع بالبدع التي لم يشرعها الله ولا رسوله، أنه لا يحصل له إلا العناء، وليس بخير له، بل قد يكون شرا له إن كان متعمدا عالما بعدم مشروعية العمل.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فإن الله شاكر عليم الشاكر والشكور، من أسماء الله تعالى، الذي يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه العظيم من الأجر الذي إذا قام عبده بأوامره وامتثل طاعته، أعانه على ذلك، وأثنى عليه ومدحه، وجازاه في قلبه نورا وإيمانا وسعة، وفي بدنه قوة ونشاطا، وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء، وفي أعماله زيادة توفيق، ثم بعد ذلك، يقدم على الثواب الآجل عند ربه كاملا موفرا، لم تنقصه هذه الأمور.
ومن شكره لعبده، أن من ترك شيئا لله أعاضه الله خيرا منه، ومن تقرب منه شبرا
[ ص: 117 ] تقرب منه ذراعا، ومن تقرب منه ذراعا تقرب منه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة، ومن عامله ربح عليه أضعافا مضاعفة.
ومع أنه شاكر، فهو عليم بمن يستحق الثواب الكامل، بحسب نيته وإيمانه وتقواه، ممن ليس كذلك، عليم بأعمال العباد، فلا يضيعها بل يجدونها أوفر ما كانت، على حسب نياتهم التي اطلع عليها العليم الحكيم.
nindex.php?page=treesubj&link=28723_34370_34375_3582_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ
(158) يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَهُمَا مَعْرُوفَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ أَيْ أَعْلَامِ دِينِهِ الظَّاهِرَةِ، الَّتِي تَعَبَّدَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، وَإِذَا كَانَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَعْظِيمِ شَعَائِرِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ فَدَلَّ مَجْمُوعُ النَّصَّيْنِ أَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، وَأَنَّ تَعْظِيمَ شَعَائِرِهِ مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ.
[ ص: 116 ] nindex.php?page=treesubj&link=19863وَالتَّقْوَى وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33029السَّعْيَ بِهِمَا فَرْضٌ لَازِمٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ وَفَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=18285خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا هَذَا دَفْعٌ لِوَهْمِ مَنْ تَوَهَّمَ وَتَحَرَّجَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، لِكَوْنِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُعْبَدُ عِنْدَهُمَا الْأَصْنَامُ، فَنَفَى تَعَالَى الْجُنَاحَ لِدَفْعِ هَذَا الْوَهْمِ، لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ.
وَدَلَّ تَقْيِيدُ نَفْيِ الْجُنَاحِ فِيمَنْ تَطَوَّفَ بِهِمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَنَّهُ لَا يَتَطَوَّعُ بِالسَّعْيِ مُفْرَدًا إِلَّا مَعَ انْضِمَامِهِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، فَإِنَّهُ يَشْرَعُ مَعَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَهُوَ عِبَادَةٌ مُفْرَدَةٌ.
فَأَمَّا السَّعْيُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيُ الْجِمَارِ فَإِنَّهَا تَتْبَعُ النُّسُكَ، فَلَوْ فُعِلْتَ غَيْرَ تَابِعَةٍ لِلنُّسُكِ كَانَتْ بِدْعَةً، لِأَنَّ الْبِدْعَةَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُتَعَبَّدُ لِلَّهِ بِعِبَادَةٍ لَمْ يَشْرَعْهَا أَصْلًا وَنَوْعٌ يُتَعَبَّدُ لَهُ بِعِبَادَةٍ قَدْ شَرَعَهَا عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَتُفْعَلُ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَهَذَا مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158وَمَنْ تَطَوَّعَ أَيْ: فَعَلَ طَاعَةً مُخْلِصًا بِهَا لِلَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158خَيْرًا مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَطَوَافٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فَدَلَّ هَذَا، عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30491كُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، ازْدَادَ خَيْرُهُ وَكَمَالُهُ وَدَرَجَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ، لِزِيَادَةِ إِيمَانِهِ.
وَدَلَّ تَقْيِيدُ التَّطَوُّعِ بِالْخَيْرِ أَنَّ مَنْ تَطَوَّعَ بِالْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَشْرَعْهَا اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ، أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ إِلَّا الْعَنَاءُ، وَلَيْسَ بِخَيْرٍ لَهُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ شَرًّا لَهُ إِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْعَمَلِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ الشَّاكِرُ وَالشَّكُورُ، مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، الَّذِي يَقْبَلُ مِنْ عِبَادِهِ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ، وَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ الْعَظِيمَ مِنَ الْأَجْرِ الَّذِي إِذَا قَامَ عَبْدُهُ بِأَوَامِرِهِ وَامْتَثَلَ طَاعَتَهُ، أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَدَحَهُ، وَجَازَاهُ فِي قَلْبِهِ نُورًا وَإِيمَانًا وَسِعَةً، وَفِي بَدَنِهِ قُوَّةً وَنَشَاطًا، وَفِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ زِيَادَةَ بَرَكَةٍ وَنَمَاءٍ، وَفِي أَعْمَالِهِ زِيَادَةَ تَوْفِيقٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ، يُقْدِمُ عَلَى الثَّوَابِ الْآجِلِ عِنْدَ رَبِّهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، لَمْ تَنْقُصْهُ هَذِهِ الْأُمُورُ.
وَمِنْ شُكْرِهِ لِعَبْدِهِ، أَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ أَعَاضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُ شِبْرًا
[ ص: 117 ] تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمِنْ تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا تَقَرَّبَ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَاهُ يَمْشِي أَتَاهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ عَامَلَهُ رَبِحَ عَلَيْهِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً.
وَمَعَ أَنَّهُ شَاكِرٌ، فَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ الْكَامِلَ، بِحَسَبِ نِيَّتِهِ وَإِيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ، مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، عَلِيمٌ بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ، فَلَا يُضَيِّعُهَا بَلْ يَجِدُونَهَا أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، عَلَى حَسَبِ نِيَّاتِهِمُ الَّتِي اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.