تفسير سورة بني إسرائيل
وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30621_33143_34084_34161_34304_34370_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير
ينزه تعالى نفسه المقدسة ويعظمها لأن له الأفعال العظيمة والمنن الجسيمة التي من جملتها أنه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1أسرى بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1من المسجد الحرام الذي هو أجل المساجد على الإطلاق
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1إلى المسجد الأقصى الذي هو من المساجد الفاضلة وهو محل الأنبياء.
فأسرى به في ليلة واحدة إلى مسافة بعيدة جدا، ورجع في ليلته، وأراه الله من آياته ما ازداد به هدى وبصيرة وثباتا وفرقانا، وهذا من اعتنائه تعالى به ولطفه، حيث يسره لليسرى في جميع أموره، وخوله نعما فاق بها الأولين والآخرين، وظاهر الآية أن الإسراء كان في أول الليل، وأنه من
[ ص: 910 ] نفس
المسجد الحرام، لكن ثبت في الصحيح أنه أسري به من بيت
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ، فعلى هذا تكون الفضيلة في
المسجد الحرام لسائر الحرم، فكله تضاعف فيه العبادة كتضاعفها في نفس المسجد، وأن الإسراء بروحه وجسده معا، وإلا لم يكن في ذلك آية كبرى ومنقبة عظيمة.
وقد تكاثرت الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء، وذكر تفاصيل ما رأى وأنه أسري به إلى
بيت المقدس، ثم عرج به من هناك إلى السماوات حتى وصل إلى ما فوق السماوات العلى، ورأى الجنة والنار، والأنبياء على مراتبهم، وفرض عليه الصلوات خمسين، ثم ما زال يراجع ربه بإشارة
موسى الكليم حتى صارت خمسا بالفعل، وخمسين بالأجر والثواب، وحاز من المفاخر تلك الليلة هو وأمته ما لا يعلم مقداره إلا الله عز وجل.
وذكره هنا وفي مقام الإنزال للقرآن ومقام التحدي بصفة العبودية لأنه نال هذه المقامات الكبار بتكميله لعبودية ربه.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1الذي باركنا حوله أي: بكثرة الأشجار والأنهار والخصب الدائم.
ومن بركته تفضيله على غيره من المساجد سوى
المسجد الحرام ومسجد المدينة، وأنه يطلب شد الرحل إليه للعبادة والصلاة فيه، وأن الله اختصه محلا لكثير من أنبيائه وأصفيائه.
تَفْسِيرُ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30621_33143_34084_34161_34304_34370_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
يُنَزِّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الْمُقَدَّسَةَ وَيُعَظِّمُهَا لِأَنَّ لَهُ الْأَفْعَالَ الْعَظِيمَةَ وَالْمِنَنَ الْجَسِيمَةَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1أَسْرَى بِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ أَجَلُّ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي هُوَ مِنَ الْمَسَاجِدِ الْفَاضِلَةِ وَهُوَ مَحَلُّ الْأَنْبِيَاءِ.
فَأَسْرَى بِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ جِدًّا، وَرَجَعَ فِي لَيْلَتِهِ، وَأَرَاهُ اللَّهُ مِنْ آيَاتِهِ مَا ازْدَادَ بِهِ هُدًى وَبَصِيرَةً وَثَبَاتًا وَفُرْقَانًا، وَهَذَا مِنِ اعْتِنَائِهِ تَعَالَى بِهِ وَلُطْفِهِ، حَيْثُ يَسَّرَهُ لِلْيُسْرَى فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَخَوَّلَهُ نِعَمًا فَاقَ بِهَا الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَنَّهُ مِنْ
[ ص: 910 ] نَفْسِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مَنْ بَيْتِ
nindex.php?page=showalam&ids=94أُمِّ هَانِئٍ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْفَضِيلَةُ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِسَائِرِ الْحُرُمِ، فَكُلُّهُ تَضَاعَفُ فِيهِ الْعِبَادَةُ كَتَضَاعُفِهَا فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ الْإِسْرَاءَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ مَعًا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ آيَةٌ كُبْرَى وَمَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ.
وَقَدْ تَكَاثَرَتِ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْرَاءِ، وَذِكْرِ تَفَاصِيلِ مَا رَأَى وَأَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ مِنْ هُنَاكَ إِلَى السَّمَاوَاتِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، وَرَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَالْأَنْبِيَاءَ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، وَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ، ثُمَّ مَا زَالَ يُرَاجِعُ رَبَّهُ بِإِشَارَةِ
مُوسَى الْكَلِيمِ حَتَّى صَارَتْ خَمْسًا بِالْفِعْلِ، وَخَمْسِينَ بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، وَحَازَ مِنَ الْمَفَاخِرِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ هُوَ وَأُمَّتُهُ مَا لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَذَكَرَهُ هُنَا وَفِي مَقَامِ الْإِنْزَالِ لِلْقُرْآنِ وَمَقَامِ التَّحَدِّي بِصِفَةِ الْعُبُودِيَّةِ لِأَنَّهُ نَالَ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ الْكِبَارَ بِتَكْمِيلِهِ لِعُبُودِيَّةِ رَبِّهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ أَيْ: بِكَثْرَةِ الْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْخِصْبِ الدَّائِمِ.
وَمِنْ بَرَكَتِهِ تَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ سِوَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ يُطْلَبُ شَدُّ الرَّحْلِ إِلَيْهِ لِلْعِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَأَنَّ اللَّهَ اخْتَصَّهُ مَحَلًّا لِكَثِيرٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ.