ثم يعود فيؤكد
nindex.php?page=treesubj&link=1497الأمر بالاتجاه إلى القبلة الجديدة المختارة مع تنويع التعقيب:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك، وما الله بغافل عما تعملون ..
والأمر في هذه المرة يخلو من الحديث عن أهل الكتاب وموقفهم، ويتضمن الاتجاه إلى
المسجد الحرام حيثما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وحيثما كان، مع توكيد أنه الحق من ربه. ومع التحذير الخفي من الميل عن هذا الحق. التحذير الذي يتضمنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149وما الله بغافل عما تعملون .. وهو الذي يشي بأنه كانت هناك حالة واقعة وراءه في قلوب بعض المسلمين تقتضي هذا التوكيد وهذا التحذير الشديد.
[ ص: 137 ] ثم توكيد للمرة الثالثة بمناسبة غرض آخر جديد، وهو إبطال حجة أهل الكتاب ، وحجة غيرهم ممن كانوا يرون المسلمين يتوجهون إلى قبلة اليهود ، فيميلون إلى الاقتناع بما يذيعه اليهود من فضل دينهم على دين
محمد ، وأصالة قبلتهم ومن ثم منهجهم. أو من مشركي
العرب /الذين كانوا يجدون في هذا التوجيه وسيلة لصد
العرب /الذين يقدسون مسجدهم وتنفيرهم من الإسلام الذي يتجه أهله شطر قبلة بني إسرائيل !
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره، لئلا يكون للناس عليكم حجة، إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني، ولأتم نعمتي عليكم، ولعلكم تهتدون ..
وهو أمر للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يولي وجهه شطر المسجد من حيث خرج، وإلى المسلمين أن يولوا وجوههم شطره حيثما كانوا. وبيان لعلة هذا التوجيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لئلا يكون للناس عليكم حجة ..
وتهوين لما بعد ذلك من أقاويل الظالمين الذين لا يقفون عند الحجة والمنطق، إنما ينساقون مع العناد واللجاج.
فهؤلاء لا سبيل إلى إسكاتهم، فسيظلون إذن في لجاجهم. فلا على المسلمين منهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150فلا تخشوهم واخشوني .
فلا سلطان لهم عليكم، ولا يملكون شيئا من أمركم، ولا ينبغي أن تحفلوهم فتميلوا عما جاءكم من عندي، فأنا الذي أستحق الخشية بما أملك من أمركم في الدنيا والآخرة.. ومع التهوين من شأن الذين ظلموا، والتحذير من بأس الله، يجيء التذكير بنعمة الله، والإطماع في إتمامها على الأمة المسلمة، حين تستجيب وتستقيم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون .
وهو تذكير موح، وإطماع دافع، وتلويح بفضل عظيم بعد فضل عظيم.
ولقد كانت النعمة التي يذكرهم بها حاضرة بين أيديهم، يدركونها في أنفسهم، ويدركونها في حياتهم، ويدركونها في مجتمعهم وموقفهم في الأرض ومكانهم في الوجود..
كانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية بظلامها ورجسها وجهالتها، ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى نور الإيمان وطهارته ومعرفته. فهم يجدون في أنفسهم أثر النعمة جديدا واضحا عميقا.
وكانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية قبائل متناحرة، ذات أهداف صغيرة واهتمامات محدودة.
ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى الوحدة تحت راية العقيدة ، وإلى القوة والمنعة، وإلى الغايات الرفيعة والاهتمامات الكبيرة التي تتعلق بشأن البشرية كلها لا بشأن ثأر في قبيلة! فهم يجدون أثر النعمة من حولهم كما وجدوه في أنفسهم.
وكانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية في مجتمع هابط دنس مشوش التصورات مضطرب القيم..
ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى مجتمع الإسلام النظيف الرفيع، الواضح التصور والاعتقاد، المستقيم القيم والموازين..
فهم يجدون أثر النعمة في حياتهم العامة كما وجدوه في قلوبهم وفي مكانهم من الأمم حولهم.
فإذا قال الله لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ولأتم نعمتي عليكم . كان في هذا القول تذكير موح، وإطماع دافع وتلويح بفضل عظيم بعد فضل عظيم..
ونجد في تكرار الأمر بشأن القبلة الجديدة معنى جديدا في كل مرة.. في المرة الأولى كان الأمر بالتوجه
[ ص: 138 ] إلى
المسجد الحرام استجابة لرغبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد تقلب وجهه في السماء وضراعته الصامتة إلى ربه.. وفي الثانية كان لإثبات أنه الحق من ربه يوافق الرغبة والضراعة.. وفي الثالثة كان لقطع حجة الناس، والتهوين من شأن من لا يقف عند الحق والحجة..
ولكننا - مع هذا - نلمح وراء التكرار أنه كانت هناك حالة واقعة في الصف الإسلامي تستدعي هذا التكرار، وهذا التوكيد، وهذا البيان، وهذا التعليل، مما يشي بضخامة حملة الأضاليل والأباطيل، وأثرها في بعض القلوب والنفوس. هذا الأثر الذي كان يعالجه القرآن الكريم; ثم تبقى النصوص بعد ذلك على مدى الزمان تعالج مثل هذه الحالة في شتى صورها; في المعركة الدائبة التي لا تهدأ ولا تفتر ولا تلين!
ثُمَّ يَعُودُ فَيُؤَكِّدُ
nindex.php?page=treesubj&link=1497الْأَمْرَ بِالِاتِّجَاهِ إِلَى الْقِبْلَةِ الْجَدِيدَةِ الْمُخْتَارَةِ مَعَ تَنْوِيعِ التَّعْقِيبِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ..
وَالْأَمْرُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ يَخْلُو مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَوْقِفِهِمْ، وَيَتَضَمَّنُ الِاتِّجَاهَ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَيْثُمَا خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَيْثُمَا كَانَ، مَعَ تَوْكِيدِ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِ. وَمَعَ التَّحْذِيرِ الْخَفِيِّ مِنَ الْمَيْلِ عَنْ هَذَا الْحَقِّ. التَّحْذِيرُ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ .. وَهُوَ الَّذِي يَشِي بِأَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ حَالَةٌ وَاقِعَةٌ وَرَاءَهُ فِي قُلُوبِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ تَقْتَضِي هَذَا التَّوْكِيدَ وَهَذَا التَّحْذِيرَ الشَّدِيدَ.
[ ص: 137 ] ثُمَّ تَوْكِيدٌ لِلْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ بِمُنَاسَبَةِ غَرَضٍ آخَرَ جَدِيدٍ، وَهُوَ إِبْطَالُ حُجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَحُجَّةِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانُوا يَرَوْنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَوَجَّهُونَ إِلَى قِبْلَةِ الْيَهُودِ ، فَيَمِيلُونَ إِلَى الِاقْتِنَاعِ بِمَا يُذِيعُهُ الْيَهُودُ مِنْ فَضْلِ دِينِهِمْ عَلَى دِينِ
مُحَمَّدٍ ، وَأَصَالَةِ قِبْلَتِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ مَنْهَجِهِمْ. أَوْ مِنْ مُشْرِكِي
الْعَرَبِ /الَّذِينَ كَانُوا يَجِدُونَ فِي هَذَا التَّوْجِيهِ وَسِيلَةً لِصَدِّ
الْعَرَبِ /الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ مَسْجِدَهُمْ وَتَنْفِيرِهِمْ مِنَ الْإِسْلَامِ الَّذِي يَتَّجِهُ أَهْلُهُ شَطْرَ قِبْلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ !
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ، إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي، وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ، وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ..
وَهُوَ أَمْرٌ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوَلِّيَ وَجْهَهُ شَطْرَ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَلُّوا وُجُوهَهُمْ شَطْرَهُ حَيْثُمَا كَانُوا. وَبَيَانٌ لِعِلَّةٍ هَذَا التَّوْجِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ..
وَتَهْوِينٌ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَقَاوِيلِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَا يَقِفُونَ عِنْدَ الْحُجَّةِ وَالْمَنْطِقِ، إِنَّمَا يَنْسَاقُونَ مَعَ الْعِنَادِ وَاللَّجَاجِ.
فَهَؤُلَاءِ لَا سَبِيلَ إِلَى إِسْكَاتِهِمْ، فَسَيَظَلُّونَ إِذَنْ فِي لَجَاجِهِمْ. فَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي .
فَلَا سُلْطَانَ لَهُمْ عَلَيْكُمْ، وَلَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِكُمْ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَحْفِلُوهُمْ فَتَمِيلُوا عَمَّا جَاءَكَمْ مِنْ عِنْدِي، فَأَنَا الَّذِي أَسْتَحِقُّ الْخَشْيَةَ بِمَا أَمْلِكُ مِنْ أَمْرِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.. وَمَعَ التَّهْوِينِ مِنْ شَأْنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ، يَجِيءُ التَّذْكِيرُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ، وَالْإِطْمَاعِ فِي إِتْمَامِهَا عَلَى الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ، حِينَ تَسْتَجِيبُ وَتَسْتَقِيمُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
وَهُوَ تَذْكِيرٌ مُوحٍ، وَإِطْمَاعٌ دَافِعٌ، وَتَلْوِيحٌ بِفَضْلٍ عَظِيمٍ بَعْدَ فَضْلٍ عَظِيمٍ.
وَلَقَدْ كَانَتِ النِّعْمَةُ الَّتِي يُذَكِّرُهُمْ بِهَا حَاضِرَةً بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يُدْرِكُونَهَا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَيُدْرِكُونَهَا فِي حَيَاتِهِمْ، وَيُدْرِكُونَهَا فِي مُجْتَمَعِهِمْ وَمَوْقِفِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَمَكَانِهِمْ فِي الْوُجُودِ..
كَانُوا هُمْ أَنْفُسُهُمُ الَّذِينَ عَاشُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِظَلَامِهَا وَرِجْسِهَا وَجَهَالَتِهَا، ثُمَّ انْتَقَلُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَطَهَارَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. فَهُمْ يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَثَرَ النِّعْمَةِ جَدِيدًا وَاضِحًا عَمِيقًا.
وَكَانُوا هُمْ أَنْفُسُهُمُ الَّذِينَ عَاشُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبَائِلَ مُتَنَاحِرَةً، ذَاتَ أَهْدَافٍ صَغِيرَةٍ وَاهْتِمَامَاتٍ مَحْدُودَةٍ.
ثُمَّ انْتَقَلُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى الْوَحْدَةِ تَحْتَ رَايَةِ الْعَقِيدَةِ ، وَإِلَى الْقُوَّةِ وَالْمَنْعَةِ، وَإِلَى الْغَايَاتِ الرَّفِيعَةِ وَالِاهْتِمَامَاتِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِشَأْنِ الْبَشَرِيَّةِ كُلِّهَا لَا بِشَأْنِ ثَأْرٍ فِي قَبِيلَةٍ! فَهُمْ يَجِدُونَ أَثَرَ النِّعْمَةِ مِنْ حَوْلِهِمْ كَمَا وَجَدُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ.
وَكَانُوا هُمْ أَنْفُسُهُمُ الَّذِينَ عَاشُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مُجْتَمَعٍ هَابِطٍ دَنِسٍ مُشَوَّشِ التَّصَوُّرَاتِ مُضْطَرِبِ الْقِيَمِ..
ثُمَّ انْتَقَلُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى مُجْتَمَعِ الْإِسْلَامِ النَّظِيفِ الرَّفِيعِ، الْوَاضِحِ التَّصَوُّرِ وَالِاعْتِقَادِ، الْمُسْتَقِيمِ الْقِيَمِ وَالْمُوَازِينَ..
فَهُمْ يَجِدُونَ أَثَرَ النِّعْمَةِ فِي حَيَاتِهِمُ الْعَامَّةِ كَمَا وَجَدُوهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَفِي مَكَانِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ حَوْلَهُمْ.
فَإِذَا قَالَ اللَّهُ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ . كَانَ فِي هَذَا الْقَوْلِ تَذْكِيرٌ مُوحٍ، وَإِطْمَاعٌ دَافِعٌ وَتَلْوِيحٌ بِفَضْلٍ عَظِيمٍ بَعْدَ فَضْلٍ عَظِيمٍ..
وَنَجِدْ فِي تَكْرَارِ الْأَمْرِ بِشَأْنِ الْقِبْلَةِ الْجَدِيدَةِ مَعْنًى جَدِيدًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ.. فِي الْمَرَّةِ الْأَوْلَى كَانَ الْأَمْرُ بِالتَّوَجُّهِ
[ ص: 138 ] إِلَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اسْتِجَابَةً لِرَغْبَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ تَقَلُّبِ وَجْهِهِ فِي السَّمَاءِ وَضَرَاعَتِهِ الصَّامِتَةِ إِلَى رَبِّهِ.. وَفِي الثَّانِيَةِ كَانَ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِ يُوَافِقُ الرَّغْبَةَ وَالضَّرَاعَةَ.. وَفِي الثَّالِثَةِ كَانَ لِقَطْعِ حُجَّةِ النَّاسِ، وَالتَّهْوِينِ مِنْ شَأْنِ مَنْ لَا يَقِفُ عِنْدَ الْحَقِّ وَالْحُجَّةِ..
وَلَكِنَّنَا - مَعَ هَذَا - نَلْمَحُ وَرَاءَ التَّكْرَارِ أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ حَالَةٌ وَاقِعَةٌ فِي الصَّفِّ الْإِسْلَامِيِّ تَسْتَدْعِي هَذَا التَّكْرَارَ، وَهَذَا التَّوْكِيدَ، وَهَذَا الْبَيَانَ، وَهَذَا التَّعْلِيلَ، مِمَّا يَشِي بِضَخَامَةِ حَمَلَةِ الْأَضَالِيلِ وَالْأَبَاطِيلِ، وَأَثَرِهَا فِي بَعْضِ الْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ. هَذَا الْأَثَرُ الَّذِي كَانَ يُعَالِجُهُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ; ثُمَّ تَبْقَى النُّصُوصُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَدَى الزَّمَانِ تُعَالِجُ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ فِي شَتَّى صُوَرِهَا; فِي الْمَعْرَكَةِ الدَّائِبَةِ الَّتِي لَا تَهْدَأُ وَلَا تَفْتُرُ وَلَا تَلِينُ!