وفي ظل هذه القصة بفصولها جميعا. في الدنيا حيث وقفت أمة الرسل في مواجهة الجاهلية الظالمة:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_30539_33177nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. nindex.php?page=treesubj&link=28985_30428_30434_30442_30443_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. nindex.php?page=treesubj&link=28985_30431_30434_30437_30443_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يتجرعه ولا يكاد يسيغه، ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ..
وفي الآخرة حيث شاهدنا ذلك المشهد الفريد: مشهد الذين استكبروا والضعفاء والشيطان، مع ذلك الحوار العجيب..
في ظل تلك القصة ومصائر الأمة الطيبة، والفرقة الخبيثة، يضرب الله مثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، لتصوير سنته الجارية في الطيب والخبيث في هذه الحياة فتكون خاتمة كتعليق الراوية على الرواية بعد إسدال الستار:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_32446_34343nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_34343_34513nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون. nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_32446_34343nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.. nindex.php?page=treesubj&link=28985_29675_29676_30454_30525_34081_34092nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ..
إن مشهد الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ... والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة، اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.. هو مشهد مأخوذ من جو السياق، ومن قصة النبيين والمكذبين، ومصير هؤلاء وهؤلاء بوجه خاص. وشجرة النبوة هنا وظل إبراهيم أبي الأنبياء عليها واضح، وهي تؤتي أكلها كل فترة، أكلا جنيا طيبا.. نبيا من الأنبياء.. يثمر إيمانا وخيرا وحيوية..
ولكن المثل - بعد تناسقه مع جو السورة وجو القصة - أبعد من هذا آفاقا، وأعرض مساحة، وأعمق حقيقة.
إن
nindex.php?page=treesubj&link=27140_33615الكلمة الطيبة - كلمة الحق - لكالشجرة الطيبة. ثابتة سامقة مثمرة.. ثابتة لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها رياح الباطل; ولا تقوى عليها معاول الطغيان - وإن خيل للبعض أنها معرضة للخطر الماحق في بعض الأحيان - سامقة متعالية، تطل على الشر والظلم والطغيان من عل - وإن خيل إلى البعض أحيانا أن الشر يزحمها في الفضاء - مثمرة لا ينقطع ثمرها، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن..
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=27140الكلمة الخبيثة - كلمة الباطل - لكالشجرة الخبيثة قد تهيج وتتعالى وتتشابك; ويخيل إلى بعض
[ ص: 2099 ] الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى. ولكنها تظل نافشة هشة، وتظل جذورها في التربة قريبة حتى لكأنها على وجه الأرض.. وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض، فلا قرار لها ولا بقاء.
ليس هذا وذلك مجرد مثل يضرب، ولا مجرد عزاء للطيبين وتشجيع. إنما هو الواقع في الحياة، ولو أبطأ تحققه في بعض الأحيان.
والخير الأصيل لا يموت ولا يذوي. مهما زحمه الشر وأخذ عليه الطريق.. والشر كذلك لا يعيش إلا ريثما يستهلك بعض الخير المتلبس به - فقلما يوجد الشر الخالص - وعندما يستهلك ما يلابسه من الخير فلا تبقى فيه منه بقية، فإنه يتهالك ويتهشم مهما تضخم واستطال.
إن الخير بخير! وإن الشر بشر!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ..
فهي أمثال مصداقها واقع في الأرض، ولكن الناس كثيرا ما ينسونه في زحمة الحياة.
وفي ظل الشجرة الثابتة، التي يشارك التعبير في تصوير معنى الثبات وجوه، فيرسمها: أصلها ثابت مستقر في الأرض، وفرعها سامق ذاهب في الفضاء على مد البصر، قائم أمام العين يوحي بالقوة والثبات.
في ظل الشجرة الثابتة مثلا للكلمة الطيبة:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. وفي ظل الشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الأرض ما لها من قرار ولا ثبات:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27ويضل الله الظالمين .. فتتناسق ظلال التعبير وظلال المعاني كلها في السياق!
يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة بكلمة الإيمان المستقرة في الضمائر، الثابتة في الفطر، المثمرة بالعمل الصالح المتجدد الباقي في الحياة. ويثبتهم بكلمات القرآن وكلمات الرسول; وبوعده للحق بالنصر في الدنيا، والفوز في الآخرة.. وكلها كلمات ثابتة صادقة حقة، لا تتخلف ولا تتفرق بها السبل، ولا يمس أصحابها قلق ولا حيرة ولا اضطراب.
nindex.php?page=treesubj&link=25987_30531ويضل الله الظالمين بظلمهم وشركهم (والظلم يكثر استعماله في السياق القرآني بمعنى الشرك ويغلب) وبعدهم عن النور الهادي، واضطرابهم في تيه الظلمات والأوهام والخرافات واتباعهم مناهج وشرائع من الهوى لا من اختيار الله.. يضلهم وفق سنته التي تنتهي بمن يظلم ويعمى عن النور ويخضع للهوى إلى الضلال والتيه والشرود.
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27ويفعل الله ما يشاء ..
بإرادته المطلقة، التي تختار الناموس، فلا تتقيد به ولكنها ترضاه. حتى تقتضي الحكمة تبديله فيتبدل في نطاق المشيئة التي لا تقف لها قوة، ولا يقوم في طريقها عائق; والتي يتم كل أمر في الوجود وفق ما تشاء.
وبهذه الخاتمة يتم التعقيب على القصة الكبرى للرسالات والدعوات. وقد استغرقت الشطر الأول والأكبر من السورة المسماة باسم
إبراهيم أبي الأنبياء، والشجرة الظليلة الوارفة المثمرة خير الثمرات، والكلمة الطيبة المتجددة في الأجيال المتعاقبة، تحتوي دائما على الحقيقة الكبرى.. حقيقة الرسالة الواحدة التي لا تتبدل، وحقيقة الدعوة الواحدة التي لا تتغير، وحقيقة التوحيد لله الواحد القهار.
وَفِي ظِلِّ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِفُصُولِهَا جَمِيعًا. فِي الدُّنْيَا حَيْثُ وَقَفَتْ أُمَّةُ الرُّسُلِ فِي مُوَاجَهَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الظَّالِمَةِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_30539_33177nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. nindex.php?page=treesubj&link=28985_30428_30434_30442_30443_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ. nindex.php?page=treesubj&link=28985_30431_30434_30437_30443_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ، وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ..
وَفِي الْآخِرَةِ حَيْثُ شَاهَدْنَا ذَلِكَ الْمَشْهَدَ الْفَرِيدَ: مَشْهَدَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وَالضُّعَفَاءِ وَالشَّيْطَانِ، مَعَ ذَلِكَ الْحِوَارِ الْعَجِيبِ..
فِي ظِلِّ تِلْكَ الْقِصَّةِ وَمَصَائِرِ الْأُمَّةِ الطَّيِّبَةِ، وَالْفِرْقَةِ الْخَبِيثَةِ، يَضْرِبُ اللَّهُ مَثَلَ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ، لِتَصْوِيرِ سُنَّتِهِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَتَكُونُ خَاتِمَةً كَتَعْلِيقِ الرَّاوِيَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ بَعْدَ إِسْدَالِ السِّتَارِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_32446_34343nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةً، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_34343_34513nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. nindex.php?page=treesubj&link=28985_28902_32446_34343nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ.. nindex.php?page=treesubj&link=28985_29675_29676_30454_30525_34081_34092nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ..
إِنَّ مَشْهَدَ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ كَالشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ... وَالْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ كَالشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ، اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ.. هُوَ مَشْهَدٌ مَأْخُوذٌ مِنْ جَوِّ السِّيَاقِ، وَمِنْ قِصَّةِ النَّبِيِّينَ وَالْمُكَذِّبِينَ، وَمَصِيرِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ. وَشَجَرَةُ النُّبُوَّةِ هُنَا وَظِلُّ إِبْرَاهِيمَ أَبِي الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهَا وَاضِحٌ، وَهِيَ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ فَتْرَةٍ، أُكُلًا جَنِيًّا طَيِّبًا.. نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.. يُثْمِرُ إِيمَانًا وَخَيْرًا وَحَيَوِيَّةً..
وَلَكِنَّ الْمَثَلَ - بَعْدَ تَنَاسُقِهِ مَعَ جَوِّ السُّورَةِ وَجَوِّ الْقِصَّةِ - أَبْعَدُ مِنْ هَذَا آفَاقًا، وَأَعْرَضُ مِسَاحَةً، وَأَعْمَقُ حَقِيقَةً.
إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27140_33615الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ - كَلِمَةَ الْحَقِّ - لَكَالشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ. ثَابِتَةٌ سَامِقَةٌ مُثْمِرَةٌ.. ثَابِتَةٌ لَا تُزَعْزِعُهَا الْأَعَاصِيرُ، وَلَا تَعْصِفُ بِهَا رِيَاحُ الْبَاطِلِ; وَلَا تَقْوَى عَلَيْهَا مَعَاوِلُ الطُّغْيَانِ - وَإِنْ خُيِّلَ لِلْبَعْضِ أَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْخَطَرِ الْمَاحِقِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ - سَامِقَةٌ مُتَعَالِيَةٌ، تُطِلُّ عَلَى الشَّرِّ وَالظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ مِنْ عَلٍ - وَإِنْ خُيِّلَ إِلَى الْبَعْضِ أَحْيَانًا أَنَّ الشَّرَّ يَزْحَمُهَا فِي الْفَضَاءِ - مُثْمِرَةٌ لَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا، لِأَنَّ بُذُورَهَا تَنْبُتُ فِي النُّفُوسِ الْمُتَكَاثِرَةِ آنًا بَعْدَ آنٍ..
وَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27140الْكَلِمَةَ الْخَبِيثَةَ - كَلِمَةَ الْبَاطِلِ - لَكَالشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ قَدْ تَهِيجُ وَتَتَعَالَى وَتَتَشَابَكُ; وَيُخَيَّلُ إِلَى بَعْضِ
[ ص: 2099 ] النَّاسِ أَنَّهَا أَضْخَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ وَأَقْوَى. وَلَكِنَّهَا تَظَلُّ نَافِشَةً هَشَّةً، وَتَظَلُّ جُذُورُهَا فِي التُّرْبَةِ قَرِيبَةً حَتَّى لَكَأَنَّهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.. وَمَا هِيَ إِلَّا فَتْرَةٌ ثُمَّ تُجْتَثُّ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ، فَلَا قَرَارَ لَهَا وَلَا بَقَاءَ.
لَيْسَ هَذَا وَذَلِكَ مُجَرَّدَ مَثَلٍ يُضْرَبُ، وَلَا مُجَرَّدَ عَزَاءٍ لِلطَّيِّبِينَ وَتَشْجِيعٍ. إِنَّمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْحَيَاةِ، وَلَوْ أَبْطَأَ تَحَقُّقُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ.
وَالْخَيْرُ الْأَصِيلُ لَا يَمُوتُ وَلَا يَذْوِي. مَهْمَا زَحَمَهُ الشَّرُّ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ.. وَالشَّرُّ كَذَلِكَ لَا يَعِيشُ إِلَّا رَيْثَمَا يَسْتَهْلِكُ بَعْضَ الْخَيْرِ الْمُتَلَبِّسِ بِهِ - فَقَلَّمَا يُوجَدُ الشَّرُّ الْخَالِصُ - وَعِنْدَمَا يَسْتَهْلِكُ مَا يُلَابِسُهُ مِنَ الْخَيْرِ فَلَا تَبْقَى فِيهِ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَإِنَّهُ يَتَهَالَكُ وَيَتَهَشَّمُ مَهْمَا تَضَخَّمَ وَاسْتَطَالَ.
إِنَّ الْخَيْرَ بِخَيْرٍ! وَإِنَّ الشَّرَّ بَشَرٍّ!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ..
فَهِيَ أَمْثَالٌ مِصْدَاقُهَا وَاقِعٌ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ كَثِيرًا مَا يَنْسَوْنَهُ فِي زَحْمَةِ الْحَيَاةِ.
وَفِي ظِلِّ الشَّجَرَةِ الثَّابِتَةِ، الَّتِي يُشَارِكُ التَّعْبِيرُ فِي تَصْوِيرِ مَعْنَى الثَّبَاتِ وَجَوِّهِ، فَيَرْسُمُهَا: أَصْلُهَا ثَابِتٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الْأَرْضِ، وَفَرْعُهَا سَامِقٌ ذَاهِبٌ فِي الْفَضَاءِ عَلَى مَدِّ الْبَصَرِ، قَائِمٌ أَمَامَ الْعَيْنِ يُوحِي بِالْقُوَّةِ وَالثَّبَاتِ.
فِي ظِلِّ الشَّجَرَةِ الثَّابِتَةِ مَثَلًا لِلْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ .. وَفِي ظِلِّ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ الْمُجْتَثَّةِ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ وَلَا ثَبَاتٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ .. فَتَتَنَاسَقُ ظِلَالُ التَّعْبِيرِ وَظِلَالُ الْمَعَانِي كُلُّهَا فِي السِّيَاقِ!
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ بِكَلِمَةِ الْإِيمَانِ الْمُسْتَقِرَّةِ فِي الضَّمَائِرِ، الثَّابِتَةِ فِي الْفِطَرِ، الْمُثْمِرَةِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ الْمُتَجَدِّدِ الْبَاقِي فِي الْحَيَاةِ. وَيُثَبِّتُهُمْ بِكَلِمَاتِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِ الرَّسُولِ; وَبِوَعْدِهِ لِلْحَقِّ بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا، وَالْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ.. وَكُلُّهَا كَلِمَاتٌ ثَابِتَةٌ صَادِقَةٌ حَقَّةٌ، لَا تَتَخَلَّفُ وَلَا تَتَفَرَّقُ بِهَا السُّبُلُ، وَلَا يَمَسُّ أَصْحَابَهَا قَلَقٌ وَلَا حَيْرَةٌ وَلَا اضْطِرَابٌ.
nindex.php?page=treesubj&link=25987_30531وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ بِظُلْمِهِمْ وَشِرْكِهِمْ (وَالظُّلْمُ يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي السِّيَاقِ الْقُرْآنِيِّ بِمَعْنَى الشِّرْكِ وَيَغْلُبُ) وَبُعْدِهِمْ عَنِ النُّورِ الْهَادِي، وَاضْطِرَابِهِمْ فِي تِيهِ الظُّلُمَاتِ وَالْأَوْهَامِ وَالْخُرَافَاتِ وَاتِّبَاعِهِمْ مَنَاهِجَ وَشَرَائِعَ مِنَ الْهَوَى لَا مِنَ اخْتِيَارِ اللَّهِ.. يُضِلُّهُمْ وَفْقَ سُنَّتِهِ الَّتِي تَنْتَهِي بِمَنْ يَظْلِمُ وَيَعْمَى عَنِ النُّورِ وَيَخْضَعُ لِلْهَوَى إِلَى الضَّلَالِ وَالتِّيهِ وَالشُّرُودِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ..
بِإِرَادَتِهِ الْمُطْلَقَةِ، الَّتِي تَخْتَارُ النَّامُوسَ، فَلَا تَتَقَيَّدُ بِهِ وَلَكِنَّهَا تَرْضَاهُ. حَتَّى تَقْتَضِيَ الْحِكْمَةُ تَبْدِيلَهُ فَيَتَبَدَّلُ فِي نِطَاقِ الْمَشِيئَةِ الَّتِي لَا تَقِفُ لَهَا قُوَّةٌ، وَلَا يَقُومُ فِي طَرِيقِهَا عَائِقٌ; وَالَّتِي يَتِمُّ كُلُّ أَمْرٍ فِي الْوُجُودِ وَفْقَ مَا تَشَاءُ.
وَبِهَذِهِ الْخَاتِمَةِ يَتِمُّ التَّعْقِيبُ عَلَى الْقِصَّةِ الْكُبْرَى لِلرِّسَالَاتِ وَالدَّعَوَاتِ. وَقَدِ اسْتَغْرَقَتِ الشَّطْرَ الْأَوَّلَ وَالْأَكْبَرَ مِنَ السُّورَةِ الْمُسَمَّاةِ بَاسِمِ
إِبْرَاهِيمَ أَبِي الْأَنْبِيَاءِ، وَالشَّجَرَةُ الظَّلِيلَةُ الْوَارِفَةُ الْمُثْمِرَةُ خَيْرُ الثَّمَرَاتِ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ فِي الْأَجْيَالِ الْمُتَعَاقِبَةِ، تَحْتَوِي دَائِمًا عَلَى الْحَقِيقَةِ الْكُبْرَى.. حَقِيقَةِ الرِّسَالَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي لَا تَتَبَدَّلُ، وَحَقِيقَةِ الدَّعْوَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي لَا تَتَغَيَّرُ، وَحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.