[ ص: 11 ] قوله تعالى: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم الآية (1) :
قيل في الأنعام: إنها الإبل والبقر والغنم، وقيل: يقع الأنعام على هذه الأصناف الثلاثة، وعلى الظباء وبقر الوحش، ولا يدخل فيها الحافر، لأنه أحد من يعمه الوطء.
والذي يدل على تناوله للجميع استثناؤه الصيد منها، بقوله في نسق الآية: غير محلي الصيد وأنتم حرم .
ويدل على أن الحافر ليس داخلا في الأنعام قوله تعالى:
والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون . ثم عطف عليه قوله تعالى: والخيل والبغال والحمير . فلما استأنف ذكرها وعطفها على الأنعام، دل ذلك على أنها ليست منها.
وذكر ذاكرون دقيقة فقالوا: لما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أذن ذلك بأن الإباحة مجازاة على الوفاء بالعقود، فإن الكفار محظور عليهم ذبح البهائم، فإن ذبح البهائم إنما عرفت إباحته بالسمع، والسمع إنما عرف بنبوته صلى الله عليه وسلم، فإذا تثبت ذلك فلا يباح ذبح البهائم للكفار، وإن كانوا أهل الكتاب، وهذا بعيد.
[ ص: 12 ] فإنه لو لم يكن مباحا لهم لما جاز للمسلمين تناول ذبائحهم.
ويمكن أن يجاب عنه بأنه محرم أن يذبحوا، ولكن إذا ذبحوا على تسمية الكتاب حل للمسلم. وبالجملة، هذا طريق المعتزلة . وعندنا لا يحرم قبل السمع شيء، ولا يحل أيضا، فإن الحكم حكم الله تعالى، فلا تعلق له بما تقدم على هذا الطريق، فاعلمه.