قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم . فيه دليل على أن وروى العبد لا يمكنه أن يحرم على نفسه ما أحله الله تعالى له بعقده وقصده. ابن عباس لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم . أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني إذا أكلت اللحم انتشرت فحرمته على نفسي، فأنزل الله تعالى:
وروى قتادة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا هموا بترك اللحم والنساء والإخصاء، فأنزل الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم . وفيه دليل على أن ذلك منه لغو، رأى أن ذلك صار محرما عليه، وأنه إذا تناوله لزمته الكفارة، وهو بعيد. [ ص: 88 ] وعند عامة العلماء: إذا وأبو حنيفة لزمته الكفارة بمجرد التحريم عند حرم جارية على نفسه ، من غير حاجة إلى وطئها، وليس ذلك لأنه تناول محرما، فباين ذلك ما نحن فيه، فاعلمه . ولو قدرنا تحريم الشيء عليه فتناول المحرم لا يقتضي وجوب شيء عليه في الدنيا، مثل تناول الميتة والدم ولحم الخنزير. قالوا: اليمين تعلقت الكفارة بها، لأنها تحرم المحلوف عليه، فوجبت الكفارة عند الحنث بتناول المحرم باليمين، ولا وجوب لها من قبل، ولكن هذا لا وجه له على تفصيل أصلهم، فإنهم قالوا: لو حرم الطعام على نفسه حنث بأكل جزء منه. ولو قال: والله لا آكل هذا الرغيف، لم يحنث بأكل بعضه، وقدروا فيه الشرط والجزاء وارتباط أحدهما بالآخر، مثل قوله: إن أكلت هذا الرغيف فعبدي حر، فلا يحنث بأكل البعض منه، وذلك يدل على أن الحنث ليس متعلقا بتناول المحرم، وإنما هو باعتبار مخالفة الشرط والجزاء، وهذا لا ريب فيه. الشافعي