قتل الخليفة محرما
والوجه الثالث على خلاف الإجماع، فلا يكون مرادا بالآية، فبقي الوجهان الأولان. إذا تبين ذلك فقد قال تعالى: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ، [ ص: 104 ] فدل مطلق الصيد على تحريم اصطياد كل ما يصطاد من بري أو بحري، لولا ما استثناه من البحري. ولما قال: لا تقتلوا، أمكن أن يكون تنبيها على أن ذبيحة المحرم ميتة، لأن الله تعالى سماها قتلا، والمقتول لا يؤكل، وإنما المأكول هو الذي يذبح. ويحتمل أن يقال: إن القتل والذبح في عرف اللغة واحد، فهذا إن كان فرقا، فهو فرق مأخوذ من عرف الشرع، وليس يظهر من عرف الشرع هذا، فإن الله تعالى يقول: وما ذبح على النصب وكان ذلك محرما، ويقال: ذبيحة المجوسي وذبيحة الوثني.
نعم; الذي يقطع منه الحلق واللبة يسمى في العرف والعادة مذبوحا سواء كان مباحا أو محرما، والذي يرمى من بعيد ولا يذبح من المذبح المعتاد، يسمى مقتولا، ويسمى ذلك الفعل قتلا، قال الله تعالى: والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب .
وكل ذلك محرم.
ومنه ما سمي مذبوحا، ومنه ما سماه موقوذا، فلا يتعلق بمجرد هذا الاسم، فلأجل ذلك اختلف قول ، الشافعي جعل ذلك أصلا، فقال: إذا وأبو حنيفة لزمه ذبح شاة. وإذا قال: لله تعالى علي أن أذبح ولدي، لا يلزمه شيء. وإذا ثبت هذا، قال: لله علي أن أقتل، يرى اتباع عموم تحريم الصيد، فأوجب الجزاء بقتل النمر والفهد والسباع المؤذية العادية لطباعها، إذا قتلها المحرم من غير صيال منها. [ ص: 105 ] وذكر فأبو حنيفة القعني عن ورد في الخبر: مالك: والكلب العقور هو الذي أمر المحرم بقتله ما قتل الناس وعدا عليهم بجبلته، مثل الأسد والنمر والذئب، والكلب العقور، وما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والهرة والثعلب، فلا يقتلهن المحرم، فإن قتل شيئا من ذلك فداه. والكلب العقور،
واتفق العلماء على موجب ما ورد في الخبر، وروى ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: وعائشة ، وروي عن "خمس يقتلهن المحرم في الحل والحرم: الحية والعقرب والغراب والفأرة والكلب العقور على اختلاف منهم، وفي بعضها: هن فواسق" قال: الكلب العقور: الأسد . أبي هريرة
ويشهد لتأويل أبي هريرة عتبة ابن أبي لهب، فقال: أكلك كلب الله فأكله الأسد . وقيل: إن الكلب العقور هو الذئب، ودل لهم ذكر العقور على أن العقر بصورته وقصده غير معتبر، ولكنه إذا كان موصوفا به كفى، فيدل ذلك من طريق التنبيه ضرورة على أن أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا على وقتله دفعا عن نفسه فلا ضمان. الصيد إذا صال على المحرم
واستدل به على أن لا ضمان في كل سبع عادي بطبعه، فإن ذكر العقور يدل على أن ما في طبعه من الضراوة قائما مقام ما يظهر منه لكل سبع عادي، يجب أن يكون ما في طبعه من الضراوة قائما مقام ما يظهر منه، [ ص: 106 ] فهذا صحيح على ما هو قول الشافعي ويظهر الكلام فيه على مالك، وذكر أبي حنيفة، فصولا في منع التعليل، كرهنا ذكرها لسقاطتها، ولكونها أقل مما يحتاج إلى ذكرها وتكلف الجواب عنها، فاعلمه.. إلا أن الإشكال في السباع التي لا تعدو ولا تضرى. الرازي
واعلم أن ما لا يعدو منها فأكثرها مأكول اللحم عند ، كالضبع والثعلب، يبقى ذلك ما لا يسمى صيدا مثل الهرة الأهلية، وهي غير داخلة في عموم الآية. وبعد، فإنه تعالى لما قال: الشافعي أحل لكم صيد البحر ، وقابله بصيد البر فقال: وحرم عليكم صيد البر ، علم أنه إنما حرم للأكل، فانصرف إلى ما يؤكل بحال، ثم قال: ما دمتم حرما، فمد التحريم إلى غاية، والذي هو محرم لعينه، لا يقال فيه حرم عليكم ما دمتم حرما، ويجعل في مقابلته صيد البر، فهذا هو الذي يستدل به في تخصيص الآية في مأكول اللحم. الشافعي