وقوله: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما : استدل به قوم على أنه يكره للمحرم أكل صيد اصطاده حلال، والأكثرون من العلماء على إباحته، وقد روى عن أبو الزبير قال: جابر حمار وحش ونحن محرمون وهو حلال فأكلنا منه ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو قتادة [ ص: 115 ] وروى عقر المطلب بن عبد الله بن حنطب عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جابر بن عبد الله "لحم صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصطادوه أو يصاد لكم" .
وفيه أخبار كثيرة، غير أن من حرم ذلك لعله تعلق بقوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، وعمومه يتناول الاصطياد والمصيد نفسه، لوقوع الاسم عليهما. ومن أباحه ذهب إلى أن الحيوان إنما يسمى صيدا ما دام حيا، فأما اللحم فلا يسمى بهذا الاسم بعد الذبح إلا مجازا، باعتبار استصحاب الاسم السابق. وقد اختلف في حديث الصعب بن جثامة، أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبواء أو غيرها لحم حمار وحشي وهو محرم فرده، فرأى في وجهه الكراهة فقال: ليس بنا رد عليك ولكنا حرم. وخالفه فرواه عن مالك، عن الزهري عبد بن عبد الله عن عن ابن عباس الصعب بن جثامة بالأبواء أو بودان حمار وحش، فرده عليه السلام عليه، وقال: إنا ما نرده عليك إلا أنا حرم. وقال أنه أهدى إلى النبي عليه السلام أبو إدريس إن لمالك: سفيان يقول: رجل حمار وحش، فقال: ذاك غلام، ذاك غلام. ورواه عن ابن جريج بإسناده كرواية الزهري وقال فيه: إنه أهدى له حمار وحش. ورواه مالك، عن معمر مثل رواية الزهري وأنه أهدى له حمار وحش. [ ص: 116 ] وروى مالك، عن الأعمش عن جندب عن سعيد بن جبير ابن عباس الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمار وحش وهو محرم، فرده وقال: لو أنا حرم لقبلناه منك. ويحتمل أنه صيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندنا ما صيد له فلا يأكل منه، ويدل عليه ما رواه أن عن أبو معاوية عن ابن جريج خيار بن أبي الشعثاء عن أبيه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن محرم أتى بلحم أنأكل منه؟ فقال: اجتنبوا. قال إن كان صيد قبل أن يحرم فيؤكل وإلا فلا وهو فيما صيد من أجله .
أبو معاوية: