ولما ذكر ما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، ذكر ما أوجف عليه المسلمون.
فقال تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ، الآية \ 7.
وذلك يمنع تنزيها للغانمين، ثم نسخ ذلك بقوله : واعلموا أنما غنمتم من شيء .
ولما فتح عمر العراق، سأل قوم من الصحابة قسمتها بينهم، فقال : إن قسمتها بينهم بقي آخر الناس لا شيء لهم، واحتج عليهم بهذه الآية [ ص: 407 ] إلى قوله : والذين جاءوا من بعدهم ، الآية \ 10، وشاور في ذلك، فأشار عليه بترك القسمة، وأن يقر أهلها عليها، وأن يضع الخراج عليها، ففعل، فقال أصحاب عليا : فالآية غير منسوخة إذا، فإنها غير مضمومة إلى آية الغنيمة في الأراضي المفتتحة، فإن رأى قسمتها أصلح وأعود على المسلمين فعل، ثم قال : وتقدير الآيتين : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين، وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك. أبي حنيفة
والذي ذكروه بعيد جدا، فإن قوله : والذين جاءوا من بعدهم ، ليس لهم حقا في الغنيمة، وأن غير من شهد الوقعة يستحق، والعجب أن الذين هم في الحياة لا يستحقون إذا لم يشهدوا الوقعة، فكيف يستحق من جاء بعدهم، فدل أن معنى الآية ظاهرها وهو قوله : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، الآية \ 10، وهو ندب الآخرين إلى الثناء على الأولين، فدل أن الحق ما قاله ، إن ما كان غنموه من الأراضي وغيرها فخمسها لأهله وأربعة أخماسها للغانمين، فمن طابت نفسه عن حقه فللإمام أن يجعلها وقفا عليهم، ومن لم تطب نفسه فهو أحق بما له، الشافعي رضي الله عنه استطاب نفوس الغانمين واشتراها منهم. وعمر