ولما كان الأدب وذل النفس لا يأتي إلا بخير؛ لأنه اللائق بالعبيد، قاد كثيرا منهم إلى السعادة الأبدية، فلذلك قال: وألقي السحرة أي: ألقاهم ملقى والذل لديه حين عرفوا أن ما فعله الخوف من الله والشوق إلى الخضوع بين يديه موسى عليه السلام أمر سماوي، صدق الله تعالى به موسى عليه السلام في أنه رسوله، ولم يتأخروا بعد ذلك أصلا حتى كأنهم خروا من غير اختيار ساجدين شكرا لله تعالى وانسلاخا عن الكفر ودليلا على أقصى غايات الخضوع، فعل الله ذلك بهم حتى [ ص: 30 ] تبهر به فرعون وملؤه وتحير عقولهم.