ولما كان من الحق كما قال إجراء الأمور على حكم ما أثبتها الحق لأنها بذلك حق هو مثال للحق المبين وصرفها إلى من لم يثبتها الحق في حيزه إفك وقلب عن وجهه فهو خيال باطل هو في باب الرأي : بمنزلة السحر في الحس فهو خيال لما صحة النسبة فيه مثال أتبع الآيات الذامة للسحر الحقيقي التنبيه على السحر المجازي الذي حيلوا به الخير وقصدوا به الشر ليكون النهي عنه نهيا عن الأول بطريق الأولى فقال ملتفتا عن ذكرهم إلى خطاب المؤمنين الذي هو أخص من : " يا بني إسرائيل " الأخص من : الحرالي يا أيها الناس اعبدوا ربكم يا أيها الذين [ ص: 86 ] آمنوا ، أي : أقروا بالإيمان صدقوا إقراركم به بأن : لا تقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا التي تقصدون بها الرعاية والمراقبة لمقصد الخير وخفض الجانب ، فاغتنمها اليهود لموافقة كلمة سيئة عندهم فصاروا يلوون بها ألسنتهم ويقصدون بها الرعونة وهي إفراط الجهالة فنهاهم عن موافقتهم في القول منعا للصحيح الموافق في الصورة لشبهه من القبيح وعوضهم منها ما لا يتطرق إليه فساد فقال : وقولوا انظرنا فأبقى المعنى وصرف اللفظ . قال : ففيه إلزام بتصحيح الصور لتطابق تصحيح المقاصد وليقع الفرق بين الصورتين كما وقع الفرق بين المعنيين فهي آية فرقان خاصة بالعرب . قال الحرالي الأصفهاني : [ ص: 87 ] وهذا النهي اختص بهذا الوقت ، قال : لإجماع الأمة على جواز المخاطبة بهذا اللفظ الآن وقال : الواحدي واسمعوا أي : قولوا ما أمرتكم به وامتثلوا جميع أوامري ولا تكونوا كاليهود في حملهم السماع على حقيقته وقولهم : سمعنا وعصينا وعطف وللكافرين على غير معطوف عليه مذكور مرشد إلى أن التقدير : فإن السماع أي : القبول إيمان ، وللسامعين نعيم كريم والإعراض كفر وللكافرين من اليهود وغيرهم عذاب أليم