ولما أعلمهم بالبراءة وبالوقت الذي يؤذن بها فيه، وكان معنى البراءة منهم أنه لا عهد لهم، استثنى بعض المعاهدين فقال: إلا الذين عاهدتم   أي: أوقعتم بينكم وبينهم عهدا من المشركين ثم  أي: بعد طول المدة اتصفوا بأنهم لم ينقصوكم شيئا  أي: من الأمارات الدالة على الوفاء في أنفسهم كما نقض بنو الديل  من بني بكر  في قتالهم لخزاعة  حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ولم يظاهروا  أي: يعاونوا معاونة تظهر عليكم أحدا  أي: من أعدائكم كما ظاهرت قريش حلفاءهم من بني الديل  على حلفائكم من خزاعة  فأتموا  وأشار إلى بعدهم عن الخير بحرف الغاية فقال: إليهم عهدهم إلى مدتهم  أي: وإن طالت; قال  البغوي   : وهم بنو ضمرة   [ ص: 380 ] حي من كنانة  ، وكان قد بقي من عهدهم تسعة أشهر، وكان السبب فيه أنهم لم ينقضوا; وقال النحاس   : ويقال: إن هذا مخصوص يراد به بنو ضمرة  خاصة; وقال  أبو محمد البستي:  حدثنا قتيبة  قال: ثنا  الحجاج  عن  ابن جريج  عن  مجاهد  قال: كان بين بني مدلج  وخزاعة  عهد، وهم الذين قال الله: فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم   . 
ولما كانت محافظتهم على عهدهم من أفراد التقوى، وكان الأمر بالإحسان إلى شخص من أفعال المحب، قال تعالى معللا: إن الله  أي: الذي له صفات الكمال يحب المتقين  أي: يفعل بهم وبكم أفعال المحب، فهو قول حاث للكل على التقوى، وكل ينزله على ما يفهم، فهو من الإعجاز الباهر. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					