ولما أخبر سبحانه بذلك، وحث على قبول أخبارهم بما وصف [ ص: 493 ] به ذاته الأقدس من إحاطة العلم، شرع يقيم الدليل على ما قال بتذكيرهم بأشياء تقدمت مشاهدتها منهم، فقال معللا لما أخبر به: لقد ابتغوا أي: طلبوا طلبا عظيما كلهم لكم الفتنة أي: لتشتيتكم من قبل أي: قبل هذه الغزوة في يوم أحد بكسر قلوب العسكر بالرجوع عنه حتى كاد بعضهم أن يفشل وفي المريسيع بما قال ابن أبي: ليخرجن الأعز منها الأذل وفي غزوة الخندق بما وقع منهم من التكذيب في أخذ كنوز كسرى وقيصر والإرجاف بكم في نقض بني قريظة وغير ذلك كما صنعوا قبله في غزوة قينقاع والنضير في قصدهم تقوية كل منهم عليكم وفي غير ذلك من أيام الله التي عكس فيها قصودهم وأنعس جدودهم وقلبوا أي: تقليبا كثيرا لك الأمور أي: التي لك فيها أذى ظهرا لبطن بإحالة الآراء وتدبير المكايد والحيل لعلهم يجدون فرصة في نقض أمرك ينتهزونها أو ثغرة في حالة يوسعونها، وامتد بهم الحال في هذا المحال حتى جاء الحق أي: الثابت الذي لا مراء في مزاولته مما تقدم به وعده سبحانه من إظهار الدين وقمع المفسدين وظهر أمر الله أي: المتصف بجميع صفات الكمال من الجلال والجمال حتى لا مطمع لهم في ستره وهم كارهون أي: لجميع [ ص: 494 ] ذلك فلم يبق لهم مطمع في محاولة بمواجهة ولا مخاتلة فصار همهم الآن الاعتزال والمبالغة في إخفاء الأحوال وستر الأفعال والأقوال.