ولما أتم سبحانه الكلام في الاستغفار وتعليله إلى أن ختم بإهانة المتخلفين، وكان القتل المسبب عن الجهاد سببا لترك الصلاة على الشهيد تشريفا له، جعل الموت الواقع في القعود المرضي به عن الجهاد سببا لترك الصلاة إهانة لذلك القاعد، فقال عاطفا على ما أفهمت جملة: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم الآية. من نحو: فلا تستغفر لهم أصلا: ولا تصل أي: الصلاة التي شرعت لتشريف المصلى عليه والشفاعة فيه على أحد منهم ثم وصف [ ص: 566 ] الأحد بقوله: مات وقوله: أبدا متعلق بالنهي لا بالموت ولا تقم على قبره أي: لأن قيامك رحمة وهم غير أهل لها، ثم علل ذلك بقوله: إنهم كفروا بالله أي: الذي له العظمة كلها ولما كان الموت على الكفر مانعا من الصلاة على الميت بجميع معانيها لم يحتج إلى التأكيد بإعادة الجار فقيل: ورسوله أي: الذي هو أعظم الناس نعمة عليهم بما له من نصائحهم بالرسالة، والمعنى أنهم لعظم ما ارتكبوا من ذلك لم يهدهم الله فاستمروا على الضلالة حتى ماتوا على صفة من وقع النهي على الاستغفار لهم المشار إليها بقوله: والله لا يهدي القوم الفاسقين وذلك المراد من قوله: معبرا بالماضي والمعنى على المضارع تحقيقا للخبر وأنه واقع لا محالة: وماتوا وهم أي: والحال أنهم بضمائرهم وظواهرهم فاسقون أي: غريقون في الفسق.