ثم شرع سبحانه يقرر أمر بدئه للخلق وإعادته في سياق مذكر بالنعم التي يجب شكرها، ويسمى المعرض عن شكره كافرا فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31760_32200_32415_32433_32435_32438_32441_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو أي: لا غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الذي جعل أي بما هيأ من الأسباب
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الشمس
ولما كان النور كيفية قابلة للشدة والضعف، خالف سبحانه في الأسماء مما يدل على ذلك فقال: نور الشمس:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5ضياء أي: ذات نور قوي ساطع وقدرها منازل، هكذا التقدير، لكن لما كانت في تقلبها بطيئة بالنسبة إلى القمر ذكره دونها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5والقمر أي وجعل القمر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5نورا أي ذا نور من نورها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5وقدره أي: وزاده عليها بأن قدره مسيرة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5منازل سريعا يقلبه فيها، وباختلاف حاله في زيادة نوره ونقصانه تختلف أحوال الرطوبات والحرارات التي دبر الله بها هذا الوجود - إلى غير ذلك من الأسرار التي هي فرع وجود الليل والنهار
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5لتعلموا بذلك علما سهلا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5عدد السنين أي المنقسمة إلى الفصول الأربعة وما يتصل بذلك من الشهور وغيرها
[ ص: 75 ] ليمكن لكم تدبير المعاش في أحوال الفصول وغيرها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5والحساب أي غير ذلك مما يدل على بعض تدبيره سبحانه.
[ولما كان ذلك مشاهدا لا مرية] فيه، وصل به قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5ما خلق الله أي الذي له الكمال كله
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5ذلك أي الأمر العظيم جدا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5إلا بالحق أي خلقا ملتبسا بالحق الكامل في الحقية لا مرية فيه، فعلم أنه قادر على إيجاد الساعة كذلك إذ لا فرق، وإذا كان خلقه كذلك فكيف يكون أمره الناشئ عنه الخلق غير الخلق بأن يكون من السحر الذي مبناه على التمويه والتخييل الذي هو عين الباطل، أو ما خلقه إلا بسبب إظهار الحق من العدل بين العباد بإعزاز الطائع وإذلال العاصي، فإنه لا نعيم كالانتصار على المعادي والانتقام من المشانئ، والجعل: وجود ما به يكون الشيء على صفة لم يكن عليها، والشمس: جسم عظيم النور؛ فإنه يكون ضياء النهار; والقمر: جسم نير يبسط نوره على جميع الظاهر من الأرض ويكسفه نور الشمس; والنور: شعاع فيه ما ينافي الظلام; والحساب: عدد يحصل به مقدار الشيء من غيره.
ولما كان النظر في هذه الآيات من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى كثير من الاتصاف بقابلية العلم ختم الآية بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5يفصل أي الله
[ ص: 76 ] في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبي عمرو وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بالياء التحتية، وبالالتفات إلى أسلوب العظمة تعظيما للبيان في قراءة الباقين بالنون
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الآيات أي يبين الدلائل الباهرة واحدة في إثر واحدة متفاصلة بيانا شافيا. ولما كان البيان لمن لا علم له كالعدم، قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5لقوم أي لهم قوة المحاولة لما يريدون
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5يعلمون أي لهم هذا الوصف على سبيل التجدد والاستمرار; ولما كانت لهم المعرفة التامة والنظر الثاقب في منازل القمر عدت من الجلي.
ثُمَّ شَرَعَ سُبْحَانَهُ يُقَرِّرُ أَمْرَ بَدْئِهِ لِلْخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ فِي سِيَاقٍ مُذَكِّرٍ بِالنِّعَمِ الَّتِي يَجِبُ شُكْرُهَا، وَيُسَمَّى الْمُعْرِضُ عَنْ شُكْرِهِ كَافِرًا فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31760_32200_32415_32433_32435_32438_32441_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ أَيْ: لَا غَيْرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الَّذِي جَعَلَ أَيْ بِمَا هَيَّأَ مِنَ الْأَسْبَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الشَّمْسَ
وَلَمَّا كَانَ النُّورُ كَيْفِيَّةً قَابِلَةً لِلشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ، خَالَفَ سُبْحَانَهُ فِي الْأَسْمَاءِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: نُورُ الشَّمْسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5ضِيَاءً أَيْ: ذَاتَ نُورٍ قَوِيٍّ سَاطِعٍ وَقَدَّرَهَا مَنَازِلَ، هَكَذَا التَّقْدِيرُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ فِي تَقَلُّبِهَا بَطِيئَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَمَرِ ذَكَرَهُ دُونَهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5وَالْقَمَرَ أَيْ وَجَعَلَ الْقَمَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5نُورًا أَيْ ذَا نُورٍ مِنْ نُورِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5وَقَدَّرَهُ أَيْ: وَزَادَهُ عَلَيْهَا بِأَنْ قَدَّرَهُ مَسِيرَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5مَنَازِلَ سَرِيعًا يُقَلِّبُهُ فِيهَا، وَبِاخْتِلَافِ حَالِهِ فِي زِيَادَةِ نُورِهِ وَنُقْصَانِهِ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الرُّطُوبَاتِ وَالْحَرَارَاتِ الَّتِي دَبَّرَ اللَّهُ بِهَا هَذَا الْوُجُودَ - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي هِيَ فَرْعُ وُجُودِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5لِتَعْلَمُوا بِذَلِكَ عِلْمًا سَهْلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5عَدَدَ السِّنِينَ أَيِ الْمُنْقَسِمَةِ إِلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنَ الشُّهُورِ وَغَيْرِهَا
[ ص: 75 ] لِيُمْكِنَ لَكُمْ تَدْبِيرُ الْمَعَاشِ فِي أَحْوَالِ الْفُصُولِ وَغَيْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5وَالْحِسَابَ أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ تَدْبِيرِهِ سُبْحَانَهُ.
[وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُشَاهَدًا لَا مِرْيَةَ] فِيهِ، وَصَلَ بِهِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5مَا خَلَقَ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ الْكَمَالُ كُلُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5ذَلِكَ أَيِ الْأَمْرَ الْعَظِيمَ جِدًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5إِلا بِالْحَقِّ أَيْ خَلْقًا مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ الْكَامِلِ فِي الْحَقِّيَّةِ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِ السَّاعَةِ كَذَلِكَ إِذْ لَا فَرْقَ، وَإِذَا كَانَ خَلْقُهُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ أَمْرُهُ النَّاشِئُ عَنْهُ الْخَلْقُ غَيْرَ الْخَلْقِ بِأَنْ يَكُونَ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي مَبْنَاهُ عَلَى التَّمْوِيهِ وَالتَّخْيِيلِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الْبَاطِلِ، أَوْ مَا خَلَقَهُ إِلَّا بِسَبَبِ إِظْهَارِ الْحَقِّ مِنَ الْعَدْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ بِإِعْزَازِ الطَّائِعِ وَإِذْلَالِ الْعَاصِي، فَإِنَّهُ لَا نَعِيمَ كَالِانْتِصَارِ عَلَى الْمُعَادِي وَالِانْتِقَامِ مِنَ الْمُشَانِئِ، وَالْجَعْلُ: وُجُودُ مَا بِهِ يَكُونُ الشَّيْءُ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا، وَالشَّمْسُ: جِسْمٌ عَظِيمُ النُّورِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضِيَاءَ النَّهَارِ; وَالْقَمَرُ: جِسْمٌ نَيِّرٌ يَبْسُطُ نُورَهُ عَلَى جَمِيعِ الظَّاهِرِ مِنَ الْأَرْضِ وَيُكْسِفُهُ نُورُ الشَّمْسِ; وَالنُّورُ: شُعَاعٌ فِيهِ مَا يُنَافِي الظَّلَامَ; وَالْحِسَابُ: عَدَدٌ يَحْصُلُ بِهِ مِقْدَارُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنَ الْوُضُوحِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الِاتِّصَافِ بِقَابِلِيَّةِ الْعِلْمِ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5يُفَصِّلُ أَيِ اللَّهُ
[ ص: 76 ] فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبِي عَمْرٍو وَحَفْصٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَبِالِالْتِفَاتِ إِلَى أُسْلُوبِ الْعَظَمَةِ تَعْظِيمًا لِلْبَيَانِ فِي قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ بِالنُّونِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5الآيَاتِ أَيْ يُبَيِّنُ الدَّلَائِلَ الْبَاهِرَةَ وَاحِدَةً فِي إِثْرِ وَاحِدَةٍ مُتَفَاصِلَةً بَيَانًا شَافِيًا. وَلَمَّا كَانَ الْبَيَانُ لِمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ كَالْعَدَمِ، قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5لِقَوْمٍ أَيْ لَهُمْ قُوَّةُ الْمُحَاوَلَةِ لِمَا يُرِيدُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5يَعْلَمُونَ أَيْ لَهُمْ هَذَا الْوَصْفُ عَلَى سَبِيلِ التَّجَدُّدِ وَالِاسْتِمْرَارِ; وَلَمَّا كَانَتْ لَهُمُ الْمَعْرِفَةُ التَّامَّةُ وَالنَّظَرُ الثَّاقِبُ فِي مَنَازِلِ الْقَمَرِ عُدَّتْ مِنَ الْجَلِيِّ.