ولما أشير في هذه الآية إلى تنزهه تعالى وعلوه وتفرده بنعوت الكمال، ودل بختمها بالحمد على إحاطته وبرب العالمين على تمام قدرته وحسن تدبيره في ابتدائه وإعادته، \ أتبعت بما يدل على ذلك من لطفه
[ ص: 81 ] في معاملته من أنه لا يفعل شيئا قبل أوانه لأن
nindex.php?page=treesubj&link=19744الاستعجال من سمات الاحتياج . بل وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=12289وأحمد بن منيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=664305التأني من الله، والعجلة من الشيطان » قال شيخنا
ابن حجر : وفي الباب عن
سهل وسعد رضي الله عنهما فقال تعالى عاطفا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3يدبر الأمر ما معناه أنه تعالى يفعل فعل من ينظر في أدبار الأمور فلا يفعل إلا ما هو في غاية الإحكام، فهو لا يعاجل العصاة بل يمهلهم ويسبغ عليهم النعم وهم في حال عصيانهم له أضل من النعم يطلبون خيراته ويستعجلونه بها:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30550_32062_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله أي المحيط بصفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11للناس [أي] الذين اتخذوا القرآن عجبا لما لهم من صفة الاضطراب
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11الشر استعجالهم أي عاملا في إرادته لإيقاع الشر بهم مثل عملهم في إرادتهم وطلبهم العجلة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11بالخير لقضي أي حتم وبت وأدي، بناه للمفعول في قراءة الجماعة دلالة على هوانه عنده، ولأن المحذور مجرد فراغه لا كونه من معين. وبناه
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر للفاعل ونصب الأجل
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11إليهم أي الناس خاصة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11أجلهم أي عمرهم أو آخر لحظة تكون منه، فأهلك من في الأرض فاختل النظام الذي دبره، ولكنه لا يفعل إلا ما تقدم من إمهاله لهم إلى ما سمي من الآجال المتفاوتة، وذلك سبب إضلال من يريد ضلاله، ولعل التعبير بنون العظمة في
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فنذر إشارة إلى أن الأمر في غاية الظهور; فكان القياس هداهم لكثرة ما عليه من الدلائل الظاهرة ولكنه تعالى أراد ضلالهم
[ ص: 82 ] وهو من العظمة بحيث لا يعجزه شيء. ويجوز أن يكون معطوفا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=8أولئك مأواهم النار لأن معناه: أولئك يمهلهم الله إلى انقضاء ما ضرب لهم من الآجال مع مبالغتهم في الإعراض. ثم يكون مأواهم النار، ولا يعجل لهم ما يستحقونه من الشر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله للناس الشر أي: ولو يريد عجلة الشر للناس إذا خالفوه أو إذا استعجلوه به في نحو قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فأمطر علينا حجارة من السماء ودعاء الإنسان على ولده وعبده، مثل استعجالهم أي مثل إرادتهم تعجيل الخير. وعدل عن أن يقال: ولو يستعجل الله للناس الشر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11استعجالهم بالخير أي: يعجل، دفعا لإيهام النقص بأن من يستعجل الشيء ربما يكون طالبا عجلته من غير لعدم قدرته، وتنبيها على أن الأمر ليس إلا بيده
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11لقضي إليهم أجلهم فإنه إذا أراد شيئا كان ولم يتخلف أصلا.
ولما كان التقدير لأن "لو" امتناعية: ولكنه سبحانه لا يفعل ذلك لأنه لا يفوته شيء بل يمهل الظالمين ويدر لهم النعم ويضربهم بشيء من النقم حتى يقولوا: هذه عادة الدهر، قد مس آباءنا الضراء والسراء، سبب عن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فنذر أي على أي حالة كانت، ووضع موضع الضمير تخصيصا وتنبيها على ما أوجب لهم الإعراض والجرأة.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11الذين وأشار بنفي الرجاء إلى نفي الخوف على الوجه الأبلغ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11لا يرجون لقاءنا [أي] بعد الموت بهذا الاستدراج على ما لنا
[ ص: 83 ] من العظمة التي من أمنها كان أضل من الأنعام
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11في طغيانهم أي: تجاوزهم للحدود تجاوزا لا يفعله من له أدنى روية
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11يعمهون [أي] بحكم مشيئتنا السابقة في الأزل عميا عن رؤية الآيات صما عن سماع البينات; والتعجيل: تقديم الشيء على وقته الذي هو أولى به; والشر: ظهور ما فيه الضر، وأصله الإظهار من قولهم: شررت الثوب - إذا أظهرته للشمس، ومنه شرر النار - لظهوره بانتشاره; والطغيان: الغلو في ظلم العباد; والعمه: شدة الحيرة.
وَلَمَّا أُشِيرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى تَنَزُّهِهِ تَعَالَى وَعُلُوِّهِ وَتَفَرُّدِهِ بِنُعُوتِ الْكَمَالِ، وَدَلَّ بِخَتْمِهَا بِالْحَمْدِ عَلَى إِحَاطَتِهِ وَبِرَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى تَمَامِ قُدْرَتِهِ وَحُسْنِ تَدْبِيرِهِ فِي ابْتِدَائِهِ وَإِعَادَتِهِ، \ أُتْبِعَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ لُطْفِهِ
[ ص: 81 ] فِي مُعَامَلَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19744الِاسْتِعْجَالَ مِنْ سِمَاتِ الِاحْتِيَاجِ . بَلْ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12201أَبُو يَعْلَى nindex.php?page=showalam&ids=12289وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=664305التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ » قَالَ شَيْخُنَا
ابْنُ حَجَرٍ : وَفِي الْبَابِ عَنْ
سَهْلٍ وَسَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ تَعَالَى عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ فِعْلَ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَدْبَارِ الْأُمُورِ فَلَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا هُوَ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ، فَهُوَ لَا يُعَاجِلُ الْعُصَاةَ بَلْ يُمْهِلُهُمْ وَيُسْبِغُ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ وَهُمْ فِي حَالِ عِصْيَانِهِمْ لَهُ أَضَلُّ مِنَ النَّعَمِ يَطْلُبُونَ خَيْرَاتِهِ وَيَسْتَعْجِلُونَهُ بِهَا:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30550_32062_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ أَيِ الْمُحِيطُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11لِلنَّاسِ [أَيْ] الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ عَجَبًا لِمَا لَهُمْ مِنْ صِفَةِ الِاضْطِرَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ أَيْ عَامِلًا فِي إِرَادَتِهِ لِإِيقَاعِ الشَّرِّ بِهِمْ مِثْلَ عَمَلِهِمْ فِي إِرَادَتِهِمْ وَطَلَبِهِمُ الْعَجَلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ أَيْ حُتِمَ وَبُتَّ وَأُدِّيَ، بَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ فِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ دَلَالَةً عَلَى هَوَانِهِ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ مُجَرَّدُ فَرَاغِهِ لَا كَوْنُهُ مِنْ مُعَيَّنٍ. وَبَنَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ لِلْفَاعِلِ وَنَصَبَ الْأَجَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11إِلَيْهِمْ أَيِ النَّاسِ خَاصَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11أَجَلُهُمْ أَيْ عُمْرُهُمْ أَوْ آخِرُ لَحْظَةٍ تَكُونُ مِنْهُ، فَأُهْلِكَ مَنْ فِي الْأَرْضِ فَاخْتَلَّ النِّظَامُ الَّذِي دَبَّرَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِمْهَالِهِ لَهُمْ إِلَى مَا سُمِّيَ مِنَ الْآجَالِ الْمُتَفَاوِتَةِ، وَذَلِكَ سَبَبُ إِضْلَالِ مَنْ يُرِيدُ ضَلَالَهُ، وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِنُونِ الْعَظَمَةِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فَنَذَرُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ; فَكَانَ الْقِيَاسُ هُدَاهُمْ لِكَثْرَةِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ ضَلَالَهُمْ
[ ص: 82 ] وَهُوَ مِنَ الْعَظَمَةِ بِحَيْثُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=8أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: أُولَئِكَ يُمْهِلُهُمُ اللَّهُ إِلَى انْقِضَاءِ مَا ضَرَبَ لَهُمْ مِنَ الْآجَالِ مَعَ مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْإِعْرَاضِ. ثُمَّ يَكُونُ مَأْوَاهُمُ النَّارَ، وَلَا يُعَجِّلُ لَهُمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الشَّرِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ أَيْ: وَلَوْ يُرِيدُ عَجَلَةَ الشَّرِّ لِلنَّاسِ إِذَا خَالَفُوهُ أَوْ إِذَا اسْتَعْجَلُوهُ بِهِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ وَدُعَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى وَلَدِهِ وَعَبْدِهِ، مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ أَيْ مِثْلَ إِرَادَتِهِمْ تَعْجِيلَ الْخَيْرِ. وَعَدَلَ عَنْ أَنْ يُقَالَ: وَلَوْ يَسْتَعْجِلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ أَيْ: يُعَجِّلُ، دَفْعًا لِإِيهَامِ النَّقْصِ بِأَنَّ مَنْ يَسْتَعْجِلُ الشَّيْءَ رُبَّمَا يَكُونُ طَالِبًا عَجَلَتَهُ مِنْ غَيْرٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ إِلَّا بِيَدِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا كَانَ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَصْلًا.
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ لِأَنَّ "لَوِ" امْتِنَاعِيَّةٌ: وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ بَلْ يُمْهِلُ الظَّالِمِينَ وَيَدِرُّ لَهُمُ النِّعَمَ وَيَضْرِبُهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ النِّقَمِ حَتَّى يَقُولُوا: هَذِهِ عَادَةُ الدَّهْرِ، قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ، سَبَبٌ عَنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فَنَذَرُ أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ، وَوُضِعَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ تَخْصِيصًا وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا أَوْجَبَ لَهُمُ الْإِعْرَاضَ وَالْجُرْأَةَ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11الَّذِينَ وَأَشَارَ بِنَفْيِ الرَّجَاءِ إِلَى نَفْيِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَبْلَغِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا [أَيْ] بَعْدَ الْمَوْتِ بِهَذَا الِاسْتِدْرَاجِ عَلَى مَا لَنَا
[ ص: 83 ] مِنَ الْعَظَمَةِ الَّتِي مَنْ أَمِنَهَا كَانَ أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فِي طُغْيَانِهِمْ أَيْ: تَجَاوُزِهِمْ لِلْحُدُودِ تَجَاوُزًا لَا يَفْعَلُهُ مِنْ لَهُ أَدْنَى رَوِيَّةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11يَعْمَهُونَ [أَيْ] بِحُكْمِ مَشِيئَتِنَا السَّابِقَةِ فِي الْأَزَلِ عُمْيًا عَنْ رُؤْيَةِ الْآيَاتِ صُمًّا عَنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَاتِ; وَالتَّعْجِيلُ: تَقْدِيمُ الشَّيْءِ عَلَى وَقْتِهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِهِ; وَالشَّرُّ: ظُهُورُ مَا فِيهِ الضُّرُّ، وَأَصْلُهُ الْإِظْهَارُ مِنْ قَوْلِهِمْ: شَرَرْتُ الثَّوْبَ - إِذَا أَظْهَرْتَهُ لِلشَّمْسِ، وَمِنْهُ شَرَرُ النَّارِ - لِظُهُورِهِ بِانْتِشَارِهِ; وَالطُّغْيَانُ: الْغُلُوُّ فِي ظُلْمِ الْعِبَادِ; وَالْعَمَهُ: شِدَّةُ الْحَيْرَةِ.