ولما بين حال الفضل فيمن أحسن، بين حال العدل فيمن أساء فقال: والذين كسبوا أي: منهم السيئات أي المحيطة بهم جزاء سيئة أي: منهم بمثلها بعدل الله من غير زيادة وترهقهم ذلة أي: من جملة جزائهم، فكأنه قيل: أما لهم انفكاك عن ذلك؟ فقيل جوابا: ما لهم من الله أي الملك الأعظم; وأغرق في النفي فقال: من عاصم أي: يمنعهم من شيء يريده بهم.
ولما كان من المعلوم أن ذلك مغير لأحوالهم، وصل به قوله: كأنما ولما كان المكروه مطلق كونها بالمنظر السيئ، بني للمفعول قوله: أغشيت وجوههم أي: أغشاها مغش لشدة سوادها لما هي فيه من السوء قطعا ولما كان القطع بوزن عنب مشتركا بين ظلمة آخر الليل وجمع القطعة من الشيء، بين وأكد فقال: من الليل أي: هذا الجنس حال كونه مظلما ولما كان ذلك ظاهرا في أنهم أهل الشقاوة، وصل به قوله: أولئك أي البعداء [ ص: 106 ] البغضاء أصحاب النار ولما كانت الصحبة الملازمة، بينها بقوله: هم فيها [أي: خاصة] خالدون أي: لا يمكنون من مفارقتها; والرهق: لحاق الأمر، ومنه: راهق الغلام - إذا لحق حال الرجال; والقتر: الغبار، ومنه الإقتار في الإنفاق لقلته; والذلة: صغر النفس بالإهانة; والكسب: الفعل لاجتلاب النفع إلى النفس أو استدفاع الضر.