ولما تقدم أنه سبحانه شامل العلم، وعلم - من وضع الأحوال [ ص: 153 ] ما لا يتسع ومن لا تسع مجرد أسمائهم الأرض في كتاب مبين أي مهما كشف منه وجد من غير خفاء ولا احتياج إلى تفتيش - أنه كامل القدرة بعد أن تقدم أنهم فريقان: صادق في أمره، ومفتر عليه، وأنه متفضل على الناس بعدم المعاجلة والتأخير إلى القيامة، وخوف المفتري عواقب أمره عاجلا وآجلا، ورجى المطيع، كان موضع أن يقال: ليت شعري ماذا يكون تفصيل حال الفريقين في الدارين على الجزم؟ فأجيب بأن الأولياء فائزون والأعداء هالكون ليشمر كل مطيع عن ساعد جده ويبذل غاية جهده في لحاق المخلصين وتحامي جانب المفترين بقوله تعالى مؤكدا لاعتقادهم أنهم يهلكون حزب الله وإنكارهم غاية الإنكار أن يفوتوهم: ألا إن أولياء الله أي الذين يتولون بالطاعة من لا شيء أعز منه ولا أعظم [ويتولاهم] لا خوف أي: ثابت عال عليهم أي: من شيء يستقبلهم ولا هم أي: بضمائرهم يحزنون أي: يتجدد لهم حزن على فائت؛ لأن قلوبهم معلقة بالله سبحانه فلا يؤثر فيهم لذلك خوف ولا حزن أثرا يقطع قلوبهم كما يعرض لغيرهم، وفسرهم بقوله: الذين آمنوا أي: أوجدوا هذا الوصف المصحح للأعمال وبه كمال القوة العلمية وكانوا أي: كونا صار لهم جبلة وخلقا يتقون أي: يوجدون التقوى، وهي كمال القوة العملية في الإيمان والأعمال ويجددونها فإنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق [ ص: 154 ] قدره; وانتهى الجواب بقوله: إن الذين يفترون على الله الكذب - الآية. وهذا الذي فسر الله به الأولياء لا مزيد على حسنه، وعن رضي الله عنه "هم قوم صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من العبر، خمص البطون من الخوى" وقيل: الولي من لا يرائي ولا ينافق، وما أقل صديق من كان هذا خلقه، وصح عن الإمامين: علي أبي حنيفة كما نقل عنهما الشيخ والشافعي، محيي الدين النووي في مقدمة شرح المهذب والتبيان أن كلا منهما قال: . وهذا في العالم العامل بعلمه كما بينته عند قوله في سورة الزمر: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون