ولما أخبر الله تعالى عن
nindex.php?page=treesubj&link=30549ارتباكهم في أشراك إشراكهم، وأنهم يتعامون عن الأدلة في الدنيا، وكان الأكثر المبهم القطع بعدم إيمانهم من توجيه الأمر والنهي والحث والزجر إلى الجميع وهم
[ ص: 240 ] في غمارهم، وكان بعض الناس كالحمار لا ينقاد إلا بالعذاب، قال سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=30295_30532_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أفأمنوا إنكارا فيه معنى التوبيخ والتهديد
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أن تأتيهم غاشية أي شيء يغطيهم ويبرك عليهم ويحيط بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107من عذاب الله أي الذي له الأمر كله في الدنيا كما أتى من ذكرنا قصصهم من الأمم.
ولما كان العاقل ينبغي له الحذر من كل ممكن وإن كان لا يقربه، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أو تأتيهم الساعة وأشار إلى أشد ما يكون من ذلك على القلوب بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107بغتة أي وهم عنها في غاية الغفلة بعدم توقعها أصلا; قال
nindex.php?page=showalam&ids=14387الرماني : قال
يزيد بن مقسم الثقفي :
ولكنهم بانوا ولم أدر بغتة وأفظع شيء حين يفجئوك البغت
ولما كان هذا المعنى مهولا، أكده الله بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107وهم لا يشعرون أي نوعا من الشعور ولو أنه كالشعرة، إعلاما بشدة جهلهم في أن حالهم حال من هو في غاية الأمن مما أقل أحواله أنه ممكن، لأن الشعور إدراك الشيء بما يلطف كدقة الشعر، وإنما قلت: إنه تأكيد، لأنه
[ ص: 241 ] معنى البغتة; قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14410أبو بكر الزبيدي في مختصر العين: البغتة: المفاجأة، وقال
الإمام أبو عبد الله القزاز في ديوانه: فاجأت الرجل مفاجأة - إذا جئته على غفلة مغافصة، ثم قال: وفاجأته مفاجأة - إذا لقيته ولم يشعر بك، وفي ترتيب المحكم: فجئه الأمر [وفجأه] وفاجأه مفاجأة: هجم عليه من غير أن يشعر به، ويلزم ذلك الإسراع وهو مدار هذه المادة، لأنه يلزم أيضا التغب - بتقديم المثناة محركا وهو الهلاك، لأنه أقرب شيء إلى الإنسان إذ هو الأصل في حال الحدث، والسلامة فيه هي العجب، والتغب أيضا: الوسخ والدرن، وتغب - بكسر الغين: صار فيه عيب، ويقال للقحط: تغبة - بالتحريك، والتغب - ساكنا: القبيح والريبة، وكل ذلك أسرع إلى الإنسان من أضداده إلا من عصم الله، وما ذاك إلا لأن هذه الدار مبنية عليه.
وَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=30549ارْتِبَاكِهِمْ فِي أَشْرَاكِ إِشْرَاكِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَتَعَامَوْنَ عَنِ الْأَدِلَّةِ فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ الْأَكْثَرُ الْمُبْهَمُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ مِنْ تَوْجِيهِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْحَثِّ وَالزَّجْرِ إِلَى الْجَمِيعِ وَهُمْ
[ ص: 240 ] فِي غِمَارِهِمْ، وَكَانَ بَعْضُ النَّاسُ كَالْحِمَارِ لَا يَنْقَادُ إِلَّا بِالْعَذَابِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=30295_30532_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أَفَأَمِنُوا إِنْكَارًا فِيهِ مَعْنَى التَّوْبِيخِ وَالتَّهْدِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ أَيْ شَيْءٌ يُغَطِّيهِمْ وَيَبْرُكَ عَلَيْهِمْ وَيُحِيطُ بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا أَتَى مِنْ ذِكْرِنَا قِصَصَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ.
وَلَمَّا كَانَ الْعَاقِلُ يَنْبَغِي لَهُ الْحَذَرُ مِنْ كُلِّ مُمْكِنٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَرِّبُهُ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَأَشَارَ إِلَى أَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْقُلُوبِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107بَغْتَةً أَيْ وَهُمْ عَنْهَا فِي غَايَةِ الْغَفْلَةِ بِعَدَمِ تَوَقُّعِهَا أَصْلًا; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14387الرُّمَّانِيُّ : قَالَ
يَزِيدُ بْنُ مُقْسِمٍ الثَّقَفِيُّ :
وَلَكِنَّهُمْ بَانُوا وَلَمْ أَدْرِ بَغْتَةً وَأَفْظَعَ شَيْءٍ حِينَ يَفْجَئُوكَ الْبَغْتَ
وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَهُولًا، أَكَّدَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أَيْ نَوْعًا مِنَ الشُّعُورِ وَلَوْ أَنَّهُ كَالشَّعْرَةِ، إِعْلَامًا بِشِدَّةِ جَهْلِهِمْ فِي أَنَّ حَالَهُمْ حَالُ مَنْ هُوَ فِي غَايَةِ الْأَمْنِ مِمَّا أَقَلَّ أَحْوَالَهُ أَنَّهُ مُمْكِنٌ، لِأَنَّ الشُّعُورَ إِدْرَاكُ الشَّيْءِ بِمَا يَلْطُفُ كَدِقَّةِ الشَّعْرِ، وَإِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّهُ تَأْكِيدٌ، لِأَنَّهُ
[ ص: 241 ] مَعْنَى الْبَغْتَةِ; قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14410أَبُو بَكْرٍ الزَّبِيدِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ: الْبَغْتَةُ: الْمُفَاجَأَةُ، وَقَالَ
الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَزَّازُ فِي دِيوَانِهِ: فَاجَأْتُ الرَّجُلَ مُفَاجَأَةً - إِذَا جِئْتَهُ عَلَى غَفْلَةٍ مُغَافَصَةً، ثُمَّ قَالَ: وَفَاجَأْتُهُ مُفَاجَأَةً - إِذَا لَقِيتَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِكَ، وَفِي تَرْتِيبِ الْمُحْكَمِ: فَجِئَهُ الْأَمْرُ [وَفَجَأَهُ] وَفَاجَأَهُ مُفَاجَأَةً: هَجَمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ، وَيَلْزَمَ ذَلِكَ الْإِسْرَاعُ وَهُوَ مَدَارُ هَذِهِ الْمَادَّةِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَيْضًا التَّغَبَ - بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ مُحَرِّكًا وَهُوَ الْهَلَاكُ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إِلَى الْإِنْسَانِ إِذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَالِ الْحَدَثِ، وَالسَّلَامَةُ فِيهِ هِيَ الْعَجَبِ، وَالتَّغَبِ أَيْضًا: الْوَسَخُ وَالدَّرَنُ، وَتَغِبَ - بِكَسْرِ الْغَيْنِ: صَارَ فِيهِ عَيْبٌ، وَيُقَالُ لِلْقَحْطِ: تِغْبَةً - بِالتَّحْرِيكِ، وَالتَّغْبُ - سَاكِنًا: الْقَبِيحُ وَالرِّيبَةُ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَسْرَعُ إِلَى الْإِنْسَانِ مِنْ أَضْدَادِهِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ.