ولما أمرهم بالذكر في المناسك وكان الإنسان فيها بصدد الذكر أمرهم بالذكر بعد قضائها لأن من فرغ من العبادة كان بصدد أن يستريح فيفتر عن الذكر إلى غيره وكانت عادتهم أن يذكروا بعد فراغهم مفاخر آبائهم فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=24406_30180_33154_34310_34513_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فإذا قضيتم أي أنهيتم إنهاء بينا لا شبهة فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200مناسككم أي أركان الحج، وأعاد الاسم الأعظم بمثل ما مضى من التعظيم وتعميم الذكر في جميع الوجوه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فاذكروا الله الذي لا نعمة عليكم إلا منه وهو الذي هداكم،
[ ص: 156 ] ذكرا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200كذكركم آباءكم لكونهم أحسنوا إليكم بالتربية التي هي في الحقيقة من فضل الله تعالى، على أنهم فعلوا بكم كل محنة لا توازيها نعمة فإنهم أضلوكم، فسبحان من رضي وهو المنعم المطلق الهادي بأن يذكر مثل ذكر من كان سببا لنعمة خاصة هو سبحان الذي أفاضها عليه مع أنه كان سببا في الضلال!
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : فانتظم ذكر إخراجهم عن قولهم المعهود بإخراجهم عن موقفهم المعهود إخراجا لهم عن معتادهم في أعمالهم وأحوالهم، وفي إعلامه أخذ للخلق بأن يعاملوا الحق معاملة من يجلونه من الخلق وذلك عن بلية ما غلب عليهم من التقيد بما يرون وضعف الإيمان بما سمعوا أو علموا.
ولما كان في هذه التربية بخس جرى عليه هذا الخطاب كما ورد
nindex.php?page=hadith&LINKID=944555استحي من الله كما تستحيي رجلا جليلا من قومك قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200أو أشد ذكرا انتهى.
أي اذكروا الله ذكرا أعلى من ذلك
[ ص: 157 ] بأن تذكروه ذكرا أشد من ذكركم لآبائكم لما له من الفضل العام، ومما يدخل تحت هذا الذكر أن يأنف من أن يكون لله في عبادته أو شيء من أموره شريك كما يستنكف ابن أن يكون لأبيه فيه شريك بل يكون في أمر الشرك أشد أنفة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : فرفع الخطاب إلى ما هو أليق بالحق من إيثار ما يرجع إليه على ما يرجع إلى الخلق انتهى.
ولما أمر تعالى بما أمر من ذكره لذاته ثم لإحسانه على الإطلاق ثم قيد بإفراده بذلك وترك ذكر الغير سبب عنه تقسيم الناس في قبول الأمر فقال صارفا من القول عن الخطاب دلالة على العموم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فمن الناس من تكون الدنيا أكبر همه فلا التفات
[ ص: 158 ] له إلى غيرها فهو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200يقول أفرد الضمير رعاية للفظ من بشارة بأن الهالك في هذه الأمة إن شاء الله قليل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200ربنا أيها المحسن إلينا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200آتنا في الدنيا ومفعوله محذوف تقديره: ما نريد - والحال أنه " ما له " ويجوز أن يكون عطفا على ما تقديره: فيعطيه ما شاء سبحانه منها لا ما طلب هو، وليس له
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200في الآخرة من خلاق أي نصيب لأنه لا رغبة له فيها فهو لا يطلبها ولا يسعى لها سعيها.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : والخلاق الحظ اللائق بالخلق والخلق.
nindex.php?page=treesubj&link=19734_30180_33084_34513_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ومنهم من يجعل عبادته وحجه وسيلة إلى الرغبة إلى ربه ويذكر الله تعالى كما أمر فهو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201يقول ربنا بإحسانك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201آتنا في الدنيا حالة وعيشة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201حسنة لا توصل بها إلى الآخرة على ما يرضيك.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وهي الكفاف من المطعم والمشرب والملبس
[ ص: 159 ] والمأوى والزوجة على ما كانت لا شرف فيها - انتهى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وفي الآخرة حسنة أي من رحمتك التي تدخلنا بها الجنة. ولما كان الرجاء لا يصلح إلا بالخوف وإعطاء الحسنة لا ينفي المس بالسيئة قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وقنا عذاب النار أي بعفوك ومغفرتك.
وَلَمَّا أَمَرَهُمْ بِالذِّكْرِ فِي الْمَنَاسِكِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ فِيهَا بِصَدَدِ الذِّكْرِ أَمَرَهُمْ بِالذِّكْرِ بَعْدَ قَضَائِهَا لِأَنَّ مَنْ فَرَغَ مِنَ الْعِبَادَةِ كَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَسْتَرِيحَ فَيَفْتُرَ عَنِ الذِّكْرِ إِلَى غَيْرِهِ وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَذْكُرُوا بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مَفَاخِرَ آبَائِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=24406_30180_33154_34310_34513_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَإِذَا قَضَيْتُمْ أَيْ أَنْهَيْتُمْ إِنْهَاءً بَيِّنًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200مَنَاسِكَكُمْ أَيْ أَرْكَانَ الْحَجِّ، وَأَعَادَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ بِمِثْلِ مَا مَضَى مِنَ التَّعْظِيمِ وَتَعْمِيمِ الذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَاذْكُرُوا اللَّهَ الَّذِي لَا نِعْمَةَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي هَدَاكُمْ،
[ ص: 156 ] ذِكْرًا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ لِكَوْنِهِمْ أَحْسَنُوا إِلَيْكُمْ بِالتَّرْبِيَةِ الَّتِي هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى أَنَّهُمْ فَعَلُوا بِكُمْ كُلَّ مِحْنَةٍ لَا تُوَازِيهَا نِعْمَةٌ فَإِنَّهُمْ أَضَلُّوكُمْ، فَسُبْحَانَ مَنْ رَضِيَ وَهُوَ الْمُنْعِمُ الْمُطْلِقُ الْهَادِي بِأَنْ يُذْكَرَ مِثْلَ ذِكْرِ مَنْ كَانَ سَبَبًا لِنِعْمَةٍ خَاصَّةٍ هُوَ سُبْحَانَ الَّذِي أَفَاضَهَا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي الضَّلَالِ!
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : فَانْتَظَمَ ذِكْرُ إِخْرَاجِهِمْ عَنْ قَوْلِهِمُ الْمَعْهُودِ بِإِخْرَاجِهِمْ عَنْ مَوْقِفِهِمُ الْمَعْهُودِ إِخْرَاجًا لَهُمْ عَنْ مُعْتَادِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، وَفِي إِعْلَامِهِ أَخْذٌ لِلْخَلْقِ بِأَنْ يُعَامِلُوا الْحَقَّ مُعَامَلَةَ مَنْ يُجِلُّونَهُ مِنَ الْخَلْقِ وَذَلِكَ عَنْ بَلِيَّةِ مَا غَلَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّقَيُّدِ بِمَا يَرَوْنَ وَضَعْفِ الْإِيمَانِ بِمَا سَمِعُوا أَوْ عَلِمُوا.
وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ التَّرْبِيَةِ بَخْسٌ جَرَى عَلَيْهِ هَذَا الْخِطَابُ كَمَا وَرَدَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=944555اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ كَمَا تَسْتَحْيِي رَجُلًا جَلِيلًا مِنْ قَوْمِكَ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا انْتَهَى.
أَيِ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ
[ ص: 157 ] بِأَنْ تَذْكُرُوهُ ذِكْرًا أَشَدَّ مِنْ ذِكْرِكُمْ لِآبَائِكُمْ لِمَا لَهُ مِنَ الْفَضْلِ الْعَامِّ، وَمِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الذِّكْرِ أَنْ يَأْنَفَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ فِي عِبَادَتِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِ شَرِيكٌ كَمَا يَسْتَنْكِفُ ابْنٌ أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِ فِيهِ شَرِيكٌ بَلْ يَكُونُ فِي أَمْرِ الشِّرْكِ أَشَدَّ أَنَفَةً.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : فَرَفْعُ الْخِطَابِ إِلَى مَا هُوَ أَلْيَقُ بِالْحَقِّ مِنْ إِيثَارِ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ عَلَى مَا يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ انْتَهَى.
وَلَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِمَا أَمَرَ مِنْ ذِكْرِهِ لِذَاتِهِ ثُمَّ لِإِحْسَانِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ قَيَّدَ بِإِفْرَادِهِ بِذَلِكَ وَتَرَكَ ذِكْرَ الْغَيْرِ سَبَّبَ عَنْهُ تَقْسِيمَ النَّاسِ فِي قَبُولِ الْأَمْرِ فَقَالَ صَارِفًا مِنَ الْقَوْلِ عَنِ الْخِطَابِ دَلَالَةً عَلَى الْعُمُومِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَكُونُ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ فَلَا الْتِفَاتَ
[ ص: 158 ] لَهُ إِلَى غَيْرِهَا فَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200يَقُولُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ رِعَايَةً لِلَّفْظِ مِنْ بِشَارَةٍ بِأَنَّ الْهَالِكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَلِيلٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200رَبَّنَا أَيُّهَا الْمُحْسِنُ إِلَيْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا نُرِيدُ - وَالْحَالُ أَنَّهُ " مَا لَهُ " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ: فَيُعْطِيهِ مَا شَاءَ سُبْحَانَهُ مِنْهَا لَا مَا طَلَبَ هُوَ، وَلَيْسَ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أَيْ نَصِيبٍ لِأَنَّهُ لَا رَغْبَةَ لَهُ فِيهَا فَهُوَ لَا يَطْلُبُهَا وَلَا يَسْعَى لَهَا سَعْيَهَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَالْخَلَاقُ الْحَظُّ اللَّائِقُ بِالْخَلْقِ وَالْخُلُقِ.
nindex.php?page=treesubj&link=19734_30180_33084_34513_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ عِبَادَتَهُ وَحَجَّهُ وَسِيلَةً إِلَى الرَّغْبَةِ إِلَى رَبِّهِ وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا أَمَرَ فَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201يَقُولُ رَبَّنَا بِإِحْسَانِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَالَةً وَعِيشَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201حَسَنَةً لَا تُوصَلُ بِهَا إِلَى الْآخِرَةِ عَلَى مَا يُرْضِيكَ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَهِيَ الْكَفَافُ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ
[ ص: 159 ] وَالْمَأْوَى وَالزَّوْجَةِ عَلَى مَا كَانَتْ لَا شَرَفَ فِيهَا - انْتَهَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً أَيْ مِنْ رَحْمَتِكَ الَّتِي تُدْخِلُنَا بِهَا الْجَنَّةَ. وَلَمَّا كَانَ الرَّجَاءُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِالْخَوْفِ وَإِعْطَاءُ الْحَسَنَةِ لَا يَنْفِي الْمَسَّ بِالسَّيِّئَةِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أَيْ بِعَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ.