[ ص: 177 ]
سورة الأنبياء
مكية في قول الجميع ، وهي مائة واثنتا عشرة آية
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون
قال : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : الكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول ، وهن من تلادي يريد من قديم ما كسب وحفظ من القرآن كالمال التلاد . وروي أن رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبني جدارا فمر به آخر في يوم نزول هذه السورة ، فقال الذي كان يبني الجدار : ماذا نزل اليوم من القرآن ؟ فقال الآخر : نزل
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون فنفض يده من البنيان ، وقال : والله لا بنيت أبدا وقد اقترب الحساب ، اقترب أي قرب الوقت الذي يحاسبون فيه على أعمالهم . للناس قال
ابن عباس : المراد بالناس هنا المشركون بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2إلا استمعوه وهم يلعبون إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أفتأتون السحر وأنتم تبصرون . وقيل : الناس عموم وإن كان المشار إليه في ذلك الوقت كفار
قريش ؛ يدل على ذلك ما بعد من الآيات ؛ ومن علم اقتراب الساعة قصر أمله ، وطابت نفسه بالتوبة ، ولم يركن إلى الدنيا ، فكأن ما كان لم يكن إذا ذهب ، وكل آت قريب ، والموت لا محالة آت ؛ وموت كل إنسان قيام ساعته ؛ والقيامة أيضا قريبة بالإضافة إلى ما مضى من الزمان ، فما بقي من الدنيا أقل مما مضى . وقال
الضحاك : معنى
[ ص: 178 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم أي عذابهم يعني
أهل مكة ؛ لأنهم استبطئوا ما وعدوا به من العذاب تكذيبا ، وكان قتلهم يوم
بدر .
النحاس : ولا يجوز في الكلام اقترب حسابهم للناس ؛ لئلا يتقدم مضمر على مظهر لا يجوز أن ينوي به التأخير .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1وهم في غفلة معرضون ابتداء وخبر . ويجوز النصب في غير القرآن على الحال . وفيه وجهان : أحدهما :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1وهم في غفلة معرضون يعني بالدنيا عن الآخرة . الثاني : عن التأهب للحساب وعما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - . وهذه الواو عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بمعنى ( إذ ) وهي التي يسميها النحويون واو الحال ؛ كما قال الله تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث محدث نعت ل ( ذكر ) . وأجاز
الكسائي والفراء ( محدثا ) بمعنى ما يأتيهم محدثا ؛ نصب على الحال . وأجاز
الفراء أيضا رفع
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2محدث على النعت للذكر ؛ لأنك لو حذفت ( من ) رفعت ذكرا ؛ أي ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث ؛ يريد في النزول وتلاوة
جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه كان ينزل سورة بعد سورة ، وآية بعد آية ، كما كان ينزله الله تعالى عليه في وقت بعد وقت ؛ لا أن القرآن مخلوق . وقيل : الذكر ما يذكرهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعظهم به . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2من ربهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق إلا بالوحي ، فوعظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحذيره ذكر ، وهو محدث ؛ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=21فذكر إنما أنت مذكر . ويقال : فلان في مجلس الذكر . وقيل : الذكر الرسول نفسه ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل بدليل ما في سياق الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ولو أراد بالذكر القرآن لقال : هل هذا إلا أساطير الأولين ؛ ودليل هذا التأويل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين يعني
محمدا - صلى الله عليه وسلم - . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2إلا استمعوه يعني
محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، أو القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من أمته .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2وهم يلعبون الواو واو الحال ، يدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم ومعنى يلعبون أي يلهون . وقيل : يشتغلون ؛ فإن حمل تأويله على اللهو احتمل ما يلهون به وجهين : أحدهما : بلذاتهم . الثاني : بسماع ما يتلى عليهم . وإن حمل تأويله على الشغل احتمل ما يتشاغلون به وجهين : أحدهما : بالدنيا لأنها لعب ؛ كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=36إنما الحياة الدنيا لعب ولهو . الثاني : يتشاغلون بالقدح فيه ، والاعتراض عليه . قال
الحسن : كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل . وقيل : يستمعون القرآن مستهزئين .
[ ص: 179 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم أي ساهية قلوبهم ، معرضة عن ذكر الله ، متشاغلة عن التأمل والتفهم ؛ من قول العرب : لهيت عن ذكر الشيء إذا تركته وسلوت عنه ألهى لهيا ولهيانا . و
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية نعت تقدم الاسم ، ومن حق النعت أن يتبع المنعوت في جميع الإعراب ، فإذا تقدم النعت الاسم انتصب كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها و
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم قال الشاعر [ كثير عزة ] :
لعزة موحشا طلل يلوح كأنه خلل
أراد : طلل موحش . وأجاز
الكسائي والفراء nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم بالرفع بمعنى قلوبهم لاهية . وأجاز غيرهما الرفع على أن يكون خبرا بعد خبر وعلى إضمار مبتدأ . وقال
الكسائي : ويجوز أن يكون المعنى ؛ إلا استمعوه لاهية قلوبهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأسروا النجوى الذين ظلموا أي تناجوا فيما بينهم بالتكذيب ، ثم بين من هم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الذين ظلموا أي الذين أشركوا ؛ ف
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الذين ظلموا بدل من الواو في أسروا وهو عائد على الناس المتقدم ذكرهم ؛ ولا يوقف على هذا القول على النجوى . قال
المبرد وهو كقولك : إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله فبنو بدل من الواو في انطلقوا . وقيل : هو رفع على الذم ، أي هم الذين ظلموا . وقيل : على حذف القول ؛ التقدير : يقول الذين ظلموا وحذف القول ؛ مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم . واختار هذا القول
النحاس ؛ قال : والدليل على صحة هذا الجواب أن بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم . وقول رابع : يكون منصوبا بمعنى أعني الذين ظلموا . وأجاز
الفراء أن يكون خفضا بمعنى اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم ؛ ولا يوقف على هذا الوجه على النجوى ويوقف على الوجوه المتقدمة الثلاثة قبله ؛ فهذه خمسة أقوال . وأجاز
الأخفش الرفع على لغة من قال : أكلوني البراغيث ؛ وهو حسن ؛ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=71ثم عموا وصموا كثير منهم . وقال الشاعر :
بل نال النضال دون المساعي فاهتدين النبال للأغراض
وقال آخر [
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق ] :
ولكن ديافي أبوه وأمه بحوران يعصرن السليط أقاربه
[ ص: 180 ] وقال
الكسائي : فيه تقديم وتأخير ؛ مجازه : والذين ظلموا أسروا النجوى
أبو عبيدة : أسروا هنا من الأضداد ؛ فيحتمل أن يكونوا أخفوا كلامهم ، ويحتمل أن يكونوا أظهروه وأعلنوه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم أي تناجوا بينهم وقالوا : هل هذا الذكر الذي هو الرسول ، أو هل هذا الذي يدعوكم إلا بشر مثلكم ، لا يتميز عنكم بشيء ، يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق كما تفعلون . وما علموا أن الله - عز وجل - أنه لا يجوز أن يرسل إليهم إلا بشرا ليتفهموا ويعلمهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أفتأتون السحر أي إن الذي جاء به
محمد - صلى الله عليه وسلم - سحر ، فكيف تجيئون إليه وتتبعونه ؟ فأطلع الله نبيه - عليه السلام - على ما تناجوا به . و
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3السحر في اللغة كل مموه لا حقيقة له ولا صحة .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأنتم تبصرون أنه إنسان مثلكم مثل : كنتم تعقلون لأن العقل البصر بالأشياء . وقيل : المعنى ؛ أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر . وقيل : المعنى ؛ أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعرفون الحق ؛ ومعنى الكلام التوبيخ .