ولما ذكر سبحانه الحج المذكر للمهاجرين بأوطانهم المخاصمة التي أنزلت في غزوة
بدر ، وذكر ما يفعل فيه من القربات، عظم اشتياق النفوس إلى ذلك وتذكرت علو المشركين الذي يصدون عن سبيل الله
والمسجد الحرام وظهورهم ومنعهم لمن أراد هذه الأفعال، على هذه الأوصاف الخالصة، والأحوال الصالحة، وفتنتهم له، فأجابها سبحانه عن هذا السؤال بقوله:
nindex.php?page=treesubj&link=18851_29676_29677_30549_32409_34135_34336_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إن الله أي الذي لا كفؤ له
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38يدافع عن الذين آمنوا لأنهم بدخولهم في الإيمان لم يكونوا مبالغين في الخيانة ولا في الكفر فهو يحبهم، فكيف بالمحسنين الذين ختمت بهم الآية السالفة، أي فيظهرهم على عدوهم - هذا في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير [ ص: 55 ] nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبي عمرو ويعقوب بغير ألف، وفي قراءة الباقين مبالغة بإخراج الفعل على المغالبة، فكأنه قال: بشرهم بأن الله يدفع عنهم، ولكنه تعالى أظهر الأوصاف ليفهم أنها مناط الأحكام والتعبير، فعبر بالفعل الماضي ترغيبا، أي لكل من أوقع هذا الوصف في الخارج إيقاعا ما دفع عنه; ثم علل ذلك بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إن الله أي الذي له صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38لا يحب أي لا يكرم كما يفعل المحب
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38كل خوان في أمانته، مانع لعباده من بيته الذي هو للناس سواء العاكف فيه والبادي
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38كفور لنعمته بالتقرب إلى غيره، فهو يفعل مكارم الأخلاق صورة ليس فيها معنى أصلا، لا يصححها بذكر الله وحده، ولا يجملها بالإحسان، وأتى بالصفتين على صيغة المبالغة لأن نقائص الإنسان لا يمكنه أن يفعلها خالية عن المبالغة، لأنه يخون نفسه بالعزم أولا، والفعل ثانيا وغيره من الخلق ثالثا، وكذا يخون نفسه وربه سبحانه وهكذا في الكفر وغيره، ولما كانت الخيانة منبع النقائص، كانت المبالغة فيها أكثر.
وَلَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْحَجَّ الْمُذَكِّرَ لِلْمُهَاجِرِينَ بِأَوْطَانِهِمُ الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ ، وَذَكَرَ مَا يَفْعَلُ فِيهِ مِنَ الْقُرُبَاتِ، عَظُمَ اشْتِيَاقُ النُّفُوسِ إِلَى ذَلِكَ وَتَذَكَّرَتْ عُلُوَّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِي يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَظُهُورِهِمْ وَمَنْعِهِمْ لِمَنْ أَرَادَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ، عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْخَالِصَةِ، وَالْأَحْوَالِ الصَّالِحَةِ، وَفِتْنَتِهِمْ لَهُ، فَأَجَابَهَا سُبْحَانَهُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=18851_29676_29677_30549_32409_34135_34336_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إِنَّ اللَّهَ أَيِ الَّذِي لَا كُفُؤَ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا لِأَنَّهُمْ بِدُخُولِهِمْ فِي الْإِيمَانِ لَمْ يَكُونُوا مُبَالِغِينَ فِي الْخِيَانَةِ وَلَا فِي الْكُفْرِ فَهُوَ يُحِبُّهُمْ، فَكَيْفَ بِالْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ خُتِمَتْ بِهِمُ الْآيَةُ السَّالِفَةُ، أَيْ فَيَظْهَرُهُمْ عَلَى عَدْوِهِمْ - هَذَا فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ [ ص: 55 ] nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَفِي قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ مُبَالَغَةً بِإِخْرَاجِ الْفِعْلِ عَلَى الْمُغَالَبَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بَشِّرْهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى أَظْهَرَ الْأَوْصَافَ لِيَفْهَمَ أَنَّهَا مَنَاطُ الْأَحْكَامِ وَالتَّعْبِيرِ، فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي تَرْغِيبًا، أَيْ لِكُلِّ مَنْ أَوْقَعَ هَذَا الْوَصْفَ فِي الْخَارِجِ إِيقَاعًا مَا دَفَعَ عَنْهُ; ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إِنَّ اللَّهَ أَيِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38لا يُحِبُّ أَيْ لَا يُكْرِمُ كَمَا يَفْعَلُ الْمُحِبُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38كُلَّ خَوَّانٍ فِي أَمَانَتِهِ، مَانِعٍ لِعِبَادِهِ مِنْ بَيْتِهِ الَّذِي هُوَ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38كَفُورٍ لِنِعْمَتِهِ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ يَفْعَلُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ صُورَةً لَيْسَ فِيهَا مَعْنًى أَصْلًا، لَا يُصَحِّحُهَا بِذِكْرِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَلَا يُجْمِلُهَا بِالْإِحْسَانِ، وَأَتَى بِالصِّفَتَيْنِ عَلَى صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ نَقَائِصَ الْإِنْسَانِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَهَا خَالِيَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّهُ يَخُونُ نَفْسَهُ بِالْعَزْمِ أَوَّلًا، وَالْفِعْلِ ثَانِيًا وَغَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ ثَالِثًا، وَكَذَا يَخُونُ نَفْسَهُ وَرَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَهَكَذَا فِي الْكُفْرِ وَغَيْرَهُ، وَلَمَّا كَانَتِ الْخِيَانَةُ مَنْبَعَ النَّقَائِصِ، كَانَتِ الْمُبَالَغَةُ فِيهَا أَكَثَرَ.