ولما كان حفظ ما يقع بينهم على كثرتهم في طول الأزمان أمرا هائلا، أتبعه قوله: ألم تعلم أن الله بجلال عزه وعظيم سلطانه يعلم ما في ولما كان السياق لحفظ أحوال الثقلين للحكم بينهم، وكان أكثر ما يتخيل أن بعض الجن يبلغ استراق السمع من السماء الدنيا، لم تدع حاجة إلى ذكر أكثر منها، فأفرد معبرا بما يشمل لكونه جنسا - الكثير أيضا فقال: السماء والأرض مما يتفق [ ص: 92 ] منهم ومن غيرهم من جميع الخلائق الحيوانات وغيرها.
ولما كان الإنسان محل النسيان، لا يحفظ الأمور إلا بالكتاب، خاطبه بما يعرف، مع ما فيه من عجيب القدرة، فقال: إن ذلك أي الأمر العظيم في كتاب كتب فيه كل شيء حكم بوقوعه قبل وقوعه وكتب جزاءه; ولما كان جمع ذلك في كتاب أمرا بالنسبة إلى الإنسان متعذرا، أتبعه التعريف بسهولته عنده فقال: إن ذلك أي علم ذلك الأمر العظيم بلا كتاب، وجمعه في كتاب قبل كونه وبعده على الله أي الذي لا حد لعظمته، وحده يسير