ولما ذكر اعترافهم بما لا يعرف بنقل ولا عقل، ذكر إنكارهم لما لا يصح أن ينكر فقال: وإذا تتلى أي على سبيل التجديد والمتابعة من أي تال كان عليهم آياتنا أي المسموعة على ما لها من العظمة والعلو، حال كونها بينات لا خفاء بها عند من له بصيرة في شيء مما دعت إليه من الأصول والفروع تعرف بالفراسة في وجوههم - هكذا كان الأصل، ولكنه أبدل الضمير بظاهر يدل على عنادهم فقال: في وجوه الذين كفروا أي تلبسوا بالكفر المنكر أي الإنكار الذي هو منكر في نفسه لما حصل لهم من [ ص: 94 ] الغيظ; ثم بين ما لاح في وجوههم فقال: يكادون يسطون أي يوقعون السطوة بالبطش والعنف بالذين يتلون عليهم آياتنا أي الدالة على أسمائنا الحسنى، وصفاتنا العلى، القاضية بوحدانيتنا، مع كونها بينات في غاية الوضوح في أنها كلامنا، لما فيها من الحكم والبلاغة التي عجزوا عنها.
ولما استحقوا - بإنكارهم وما أرادوه من الأذى لأولياء الله - النكال، تسبب عنه إعلامهم بما استحقوه، فقال مؤذنا بالغضب بالإعراض عنهم، آمرا له صلى الله عليه وسلم بتهديدهم: قل أفأنبئكم أي أتعون فأخبركم خبرا عظيما بشر من ذلكم الأمر الكبير من الشر الذي أردتموه بعباد الله التالين عليكم للآيات وما حصل لكم من الضجر من ذلك، فكأنه قيلك ما هو؟ فقيل: النار ثم استأنف قوله متهكما بهم بذكر الوعد: وعدها الله العظيم الجليل الذين كفروا جزاء لهم على همهم هذا، فبئس الموعد هي وبئس المصير