ولما كان في تلك الحالة على القطع من اليأس من النجاة لليأس من العمل لفوات داره مع وصوله إلى حد الغرغرة قال: لعلي أعمل أي لأكون على رجاء من أن أعمل صالحا فيما تركت من الإيمان وتوابعه; قال : قال البغوي : ما تمنى أن يرجع إلى أهله وعشيرته ولا ليجمع الدنيا ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع ليعمل بطاعة الله، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب. قتادة
وقال : كان ابن كثير العلاء بن زياد يقول: لينزلن أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله فليعمل بطاعة الله عز وجل.
ولما كان القضاء قد قطع بأنه لا يرجع، ولو رجع لم يعمل قال ردعا له وردا لكلامه: كلا أي لا يكون شيء من ذلك، فكأنه [ ص: 186 ] قيل: فما حكم ما قال؟ فقال معرضا عنه إيذانا بالغضب: إنها كلمة أي مقالته رب ارجعون - إلى آخره، كلمة هو قائلها وقد عرف من الخداع والكذب فهي كما عهد منه لا حقيقة لها.
ولما كان التقدير: فهو لا يجاب إليها، عطف عليه قوله، جامعا معه كل من ماثله لأن عجز الجمع يلزم منه عجز الواحد: ومن ورائهم أي من خلفهم ومن أمامهم محيط بهم برزخ أي حاجز بين ما هو فيه وبين الدنيا والقيامة مستمر لا يقدر أحد على رفعه إلى يوم يبعثون أي تجدد بعثهم بأيسر أمر وأخفه وأهونه.