فلما اتضح الحق ، وعرف المراد ، وكان غريبا عندهم ، وتشوف السامع إلى جوابهم ، استؤنف الإخبار عنه ، فقيل إعلاما بانقطاعهم وأنهم عارفون أنه لا وجه لهم في ذلك أصلا لعدولهم إلى الفحش : قالوا مقسمين : لئن لم تنته [وسموه باسمه جفاء وغلظة فقالوا : ] يا لوط عن مثل إنكارك هذا علينا.
ولما كان لما له من العظمة بالنبوة والأفعال الشريفة التي توجب إجلاله وإنكار كل من يسمعهم أن يخرج مثله ، زادوا في التأكيد فقالوا : لتكونن من المخرجين أي : [ممن] أخرجناه من بلدنا [على وجه فظيع تصير مشهورا به بينهم] إشارة إلى أنه غريب عندهم ، وأن عادتهم المستمرة نفي من اعترض عليهم ، وكان قصدهم بذلك أن يكونوا هم [ ص: 83 ] المتولين لإخراجه إهانة له للاستراحة منه ، فكان إخراجه ، لكن إخراج إكرام للاستراحة منهم والنجاة من عذابهم بتولي الملائكة الكرام .