ولما كان السياق للبلاء والامتحان ، والصبر على الهوان ، وإثبات
nindex.php?page=treesubj&link=33679_30532_30550_28781علم الله وقدرته على إنجاء الطائع وتعذيب العاصي ، ذكر من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام من طال صبره على البلاء ، ولم يفتر عزمه عن نصيحة العباد [على] ما يعاملونه به من الأذى ، تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم ولتابعيه رضي الله تعالى عنهم وتثبيتا لهم وتهديدا
لقريش ، فقال عاطفا على
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم ما هو كالشرح له ، وله نظر عظيم إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=51ولقد وصلنا لهم القول وأكده دفعا لوهم من يقول : إن القدرة على التصرف في القلوب مغنية عن الرسالة في دار التسبب :
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30539_30614_31827_31832_32016_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14ولقد أرسلنا أي : على ما لنا من العظمة المغنية عن الرسالة إجراء للأمور على ما تقتضيه هذه الدار من حكمة التسبيب
[ ص: 404 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14نوحا أي :
nindex.php?page=treesubj&link=31827_31828_34020أول رسل الله الخافقين من العباد ، وهو معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14إلى قومه فإن الكفر كان قد عم أهل الأرض ، وكان صلى الله عليه وسلم أطول الأنبياء بلاء بهم ، ولذلك قال مسببا عن ذلك ومعقبا :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فلبث فيهم أي : بعد الرسالة يدعوهم إلى الله ، وعظم الأمر بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14ألف فذكر رأس العدد الذي لا رأس أكبر منه ، وعبر بلفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14سنة ذما لأيام الكفر ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14إلا خمسين فحقق أن ذلك الزمان تسعمائة وخمسون من غير زيادة ولا نقص مع الاختصار والعذوبة ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14عاما إشارة إلى أن زمان حياته عليه الصلاة والسلام بعد إغراقهم كان رغدا واسعا حسنا بإيمان المؤمنين وخصب الأرض.
ولما كان تكرير الدعاء مع عدم الإجابة أدل على الامتثال وعدم الملال ، قال مسببا عن لبثه فيهم ودعائه لهم ومعقبا له :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فأخذهم أي : كلهم بالإغراق أخذ قهر وغلبة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14الطوفان أي : من الماء ، لأن الطوفان في الأصل لكل فاش طام محيط غالب ممتلئ كثرة وشدة وقوة من سيل أو ظلام أو موت أو غيرها ، والمراد هنا الماء
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وهم ظالمون أي : عريقون في هذا الوصف ، وهو وضع الأشياء في غير مواضعها فعل من يمشي في أشد الظلام ، بتكذيبهم رسولهم ، وإصرارهم على كفرهم ، وهو ملازم لدعائهم ليلا ونهارا لم يرجع منهم عن الضلال إلا ناس
[ ص: 405 ] لقلتهم لا يعدون; ودل عليهم مسببا عن ذلك بقوله .
وَلَمَّا كَانَ السِّيَاقُ لِلْبَلَاءِ وَالِامْتِحَانِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْهَوَانِ ، وَإِثْبَاتِ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_30532_30550_28781عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرِتِهِ عَلَى إِنْجَاءِ الطَّائِعِ وَتَعْذِيبِ الْعَاصِي ، ذَكَرَ مِنَ الرُّسُلِ الْكِرَامِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنْ طَالَ صَبْرُهُ عَلَى الْبَلَاءِ ، وَلَمْ يَفْتُرْ عَزْمُهُ عَنْ نَصِيحَةِ الْعِبَادِ [عَلَى] مَا يُعَامِلُونَهُ بِهِ مِنَ الْأَذَى ، تَسْلِيَةً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِتَابِعِيهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَتَثْبِيتًا لَهُمْ وَتَهْدِيدًا
لِقُرَيْشٍ ، فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مَا هُوَ كَالشَّرْحِ لَهُ ، وَلَهُ نَظَرٌ عَظِيمٌ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=51وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ وَأَكَّدَهُ دَفْعًا لِوَهْمِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْقُلُوبِ مُغْنِيَةٌ عَنِ الرِّسَالَةِ فِي دَارِ التَّسَبُّبِ :
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30539_30614_31827_31832_32016_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا أَيْ : عَلَى مَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ الْمُغْنِيَةِ عَنِ الرِّسَالَةِ إِجْرَاءً لِلْأُمُورِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الدَّارُ مِنْ حِكْمَةِ التَّسْبِيبِ
[ ص: 404 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14نُوحًا أَيْ :
nindex.php?page=treesubj&link=31827_31828_34020أَوَّلَ رُسُلِ اللَّهِ الْخَافِقَيْنِ مِنَ الْعِبَادِ ، وَهُوَ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ الْكُفْرَ كَانَ قَدْ عَمَّ أَهَّلَ الْأَرْضَ ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْوَلَ الْأَنْبِيَاءِ بَلَاءً بِهِمْ ، وَلِذَلِكَ قَالَ مُسَبِّبًا عَنْ ذَلِكَ وَمُعَقِّبًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فَلَبِثَ فِيهِمْ أَيْ : بَعْدَ الرِّسَالَةِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14أَلْفَ فَذَكَرَ رَأْسَ الْعَدَدِ الَّذِي لَا رَأْسَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، وَعَبَّرَ بِلَفْظٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14سَنَةٍ ذَمًّا لِأَيَّامِ الْكُفْرِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14إِلا خَمْسِينَ فَحَقَّقَ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَالْعُذُوبَةِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14عَامًا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ زَمَانَ حَيَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ إِغْرَاقِهِمْ كَانَ رَغَدًا وَاسِعًا حَسَنًا بِإِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ وَخِصْبِ الْأَرْضِ.
وَلَمَّا كَانَ تَكْرِيرُ الدُّعَاءِ مَعَ عَدَمِ الْإِجَابَةِ أَدَلَّ عَلَى الِامْتِثَالِ وَعَدَمِ الْمِلَالِ ، قَالَ مُسَبِّبًا عَنْ لُبْثِهِ فِيهِمْ وَدُعَائِهِ لَهُمْ وَمُعَقِّبًا لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فَأَخَذَهُمُ أَيْ : كُلُّهُمْ بِالْإِغْرَاقِ أَخْذَ قَهْرٍ وَغَلَبَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14الطُّوفَانُ أَيْ : مِنَ الْمَاءِ ، لِأَنَّ الطُّوفَانَ فِي الْأَصْلِ لِكُلِّ فَاشٍ طَامٍ مُحِيطٍ غَالِبٍ مُمْتَلِئٍ كَثْرَةً وَشِدَّةً وَقُوَّةً مِنْ سَيْلٍ أَوْ ظَلَامٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَاءُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وَهُمْ ظَالِمُونَ أَيْ : عَرِيقُونَ فِي هَذَا الْوَصْفِ ، وَهُوَ وَضْعُ الْأَشْيَاءِ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا فِعْلَ مَنْ يَمْشِي فِي أَشَدِّ الظَّلَامِ ، بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُمْ ، وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَهُوَ مُلَازِمٌ لِدُعَائِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُمْ عَنِ الضَّلَالِ إِلَّا نَاسٌ
[ ص: 405 ] لِقِلَّتِهِمْ لَا يُعَدُّونَ; وَدَلَّ عَلَيْهِمْ مُسَبِّبًا عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ .