ولما كان ما أخبرت به هذه الجمل من بغضهم؛ وشدة عداوتهم؛ محتاجا؛ ليصل إلى المشاهدة؛ إلى بيان؛ دل عليه بقوله: إن تمسسكم ؛ أي: مجرد مس؛ حسنة تسؤهم ؛ ولما كان هذا دليلا شهوديا؛ ولكنه ليس صريحا؛ أتبعه الصريح بقوله: وإن تصبكم ؛ أي: بقوة مرها؛ وشدة وقعها؛ وضرها؛ سيئة يفرحوا بها ؛ ولما كان هذا أمرا مبكتا غائظا مؤلما؛ داواهم بالإشارة إلى النصر؛ مشروطا بشرط التقوى؛ والصبر؛ فقال: وإن تصبروا وتتقوا ؛ أي: تكونوا من أهل الصبر والتقوى؛ لا يضركم كيدهم شيئا ؛ ثم علل ذلك بقوله: [ ص: 41 ] إن الله ؛ أي: ذا الجلال والإكرام؛ بما يعملون محيط ؛ أي: فهو يعد لكل كيد ما يبطله؛ والمعنى- على قراءة الخطاب -: "بعملكم كله؛ فمن صبر واتقى ظفرته؛ ومن عمل على غير ذلك انتقمت منه".