ولما كان من المعلوم عندهم إنما لا ساتر له معلوم، أجرهم على ما يعهدون، وعبر بعبارة تعم ذلك فقال مستأنفا في جواب من ظن أنه قد يخفى عليه شيء عن الساتر معظما الأمر بإظهار الاسم الأعظم: لا يخفى على الله أي المحيط علما وقدرة منهم شيء أي من ذواتهم ولا معانيهم سواء ظهروا أو استتروا في هذا اليوم وفي غيره.
ولما كان من العادة المستمرة أن الملك العظيم إذا أرسل جيشه إلى من طال تمردهم عليه وعنادهم له فظفروا بهم وأحضروهم إليه أن يناديهم مناديه وهم وقوف بين يديه قد أخرستهم هيبته وأذلتهم عظمته [ ص: 28 ] بلسان قاله أو لسان حاله بما يبكهم به ويوبخهم ويؤسفهم على ما مضى من عصيانهم ويندمهم قال: لمن الملك اليوم أي يا من كانوا يعملون أعمال من يظن أنه لا يقدر عليه أحد، فيجيبون بلسان الحال أو المقال كما قال بعض من قال:
سكت الدهر طويلا عنهم ... قد أبكاهم دما حين نطق
لله أي الذي له جميع صفات الكمال، ثم دل على ذلك بقوله: الواحد أي الذي لا يمكن أن يكون له ثان بشركة ولا قسمة ولا غيرها القهار أي الذي يقهر من يشاء متكررا وصفه بذلك دائما أبدا لما ثبت من غناه المطلق بوحدانيته الحقيقة.