ولما كانت إما بالاعتراف بما نسب إليه والإقلاع عنه، وإما بالاعتذار عنه، وكان ذلك إنما يجري عند المخلوقين على الظاهر، ولذلك كانوا ربما وقع لهم الغلط فيمن لو علموا باطنه لما قبلوا الشفاعة فيه، علل تعالى ما تقدم بعلمه أن المشفوع له ليس بأهل لقبول الشفاعة فيه لإحاطة علمه فقال: الشفاعة إنما تقع وتنفع بشرط براءة المشفوع له من الذنب يعلم خائنة ولما كان السياق هنا للبلاغ في أن فكان من المعلوم أن الحال يقتضي جمع الكثرة، وأنه ما عدل عنه إلى جمع القلة إلا للشارة إلى أن علمه تعالى محيط بكل كلي وجزئي، فالكثير عنده في ذلك قليل فلذا قال: علمه تعالى بالكثير كعلمه بالقليل الكل، عليه هين، الأعين أي خيانتها التي هي أخفى ما يقع من أفعال الظاهر، جعل الخيانة مبالغة في الوصف وهي الإشارة بالعين، [ ص: 33 ] قال أبو حيان : من كسر وغمز ونظر يفهم منه ما يراد - انتهى.
وذلك يفعل بفعل ما يخالف الظاهر، ولما ذكر أخفى أفعال الظاهر، أتبعه أخفى ما في الباطن فقال: وما تخفي الصدور أي عن المشفوع عنده وغير ذلك.