ولما كانت عادة المتنادين الإقبال، وصف ذلك اليوم بضد ذلك لشدة الأهوال فقال مبدلا أو مبينا: [ ص: 63 ] يوم تولون مدبرين أي [حين] تخرج ألسنة النيران فتخطف أهل الكفران، وتزفر زفرات يخر أهل الموقف [من خشيتها، فترى كل أمة جاثية ويفرون فلا يقصدون مكانا إلا وجدوا به الملائكة] صافين كما قال تعالى: والملك على أرجائها وينادي المنادي يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان
ولما كان المدبر إنما يقصد في إدباره معقلا يمنعه ويستره أو فئة تحميه وتنصره، قال مبينا حالهم: ما لكم من الله أي: الملك الجبار الذي لا ند له، وأغرق في النفي فقال: من عاصم أي: مانع يمنعكم مما يراد فما لكم من عاصم أصلا، فإنه سبحانه يجير ولا يجار عليه.
ولما كان التقدير: لضلالكم في الدنيا فإن حالكم في ذلك اليوم مكتسب من أحوالكم في هذا اليوم، عطف عليه قوله معمما: ومن يضلل الله أي: الملك المحيط بكل شيء، الباطن في أردية الجلال، الظاهر في مظاهر القهر والجمال، إضلالا جبله عليه، فهو في غاية البيان - بما أشار إليه الملك: فما له من هاد أي: إلى شيء ينفعه بوجه من الوجوه، وأما الضلال العارض فيزيله [الله] لمن يشاء من عباده، وهذا لا يعرف إلا بالخاتمة كما قاله الإمام فمن مات على شيء فهو مجبول عليه. أبو الحسن الأشعري: