ولما كان انتفاء العلم بالشيء من أهل العلم انتفاء ذلك الشيء في [ ص: 78 ] أصول الدين، كان ما دعوه إليه [باطلا، وكان ما دعاهم إليه] هو الحق، فلذلك أنتج قطعا قوله: لا جرم وهي وإن كانت بمعنى: لا ظن ولا اضطراب أصلا - كما مضى في سورة هود عليه السلام فيها معنى العلة، [أي]: فلأجل ذلك لا شك في أنما أي: الذي تدعونني إليه من هذه الأنداد ليس له دعوة بوجه من الوجوه، فإنه لا إدراك له، هذا إن أريد ما [ لا ] يعقل، وإن أريد شيء مما يعقل فلا دعوة له مقبولة بوجه، فإنه لا يقوم عليها دليل [بل] ولا شبهة موهمة في الدنيا التي هي محل الأسباب، الظاهرة لأن شيئا منه ليس له واحد من الوصفين ولا في الآخرة لأن ما لا تعلم إلهيته كذلك يكون وأن أي: ولا اضطراب في أن مردنا أي: ردنا العظيم بالموت وموضع ردنا ووقته منته إلى الله أي: الذي له الإحاطة بصفات الكمال لما اقتضته عزته، فيجازي كل أحد بما يستحقه وأن أي: ولا شك في [أن] المسرفين أي: المجاوزين للحدود العريقين في هذا الوصف هم أي: خاصة لأجل حكم الله بذلك عليهم أصحاب النار أي: الذين يخلدون فيها لا يفارقونها كما يقتضيه معنى الصحبة لأن إسرافهم اقتضى [ ص: 79 ] إسراف ملازمتهم للنار التي طبعها الإسراف، وقد علم أن ربها لا يجزي بالسيئة إلا مثلها.