الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تقرر أنه [لا أمر لغير الله وأنه] لا بد من المعاد، تسبب [عنه] بقوله: فستذكرون أي: قطعا بوعد لا خلف فيه مع القرب ما أقول لكم حين لا ينفعكم الذكر في يوم الجمع الأعظم والزحام الذي [يكون] فيه القدم على القدم إذا رأيتم الأهوال والنكال والزلزال إن قبلتم نصحي وإن لم تقبلوه. ولما ذكر خوفهم الذي لا يحميهم منه شيء، ذكر خوفه الذي هو معتمد فيه على الله ليحميه منه فقال عاطفا على "ستذكرون" غير مراعى فيها معنى السين: وأفوض [أي]: أنا الآن بسبب أنه لا دعوة لغير الله أمري فيما تمكرونه بي إلى الله أي: الذي أحاط بكل شيء علما وقدرة فهو يحميني منكم إن شاء، قال صاحب المنازل: التفويض ألطف إشارة وأوسع من التوكل بعد وقوع السبب، والتفويض قبل وقوعه وبعده، وهو عين الاستسلام، والتوكل شعبة منه، وهو على ثلاث درجات: الأولى أن تعلم أن العبد لا يملك قبل علمه استطاعة، فلا يأمن من مكر، ولا ييأس من معونة، ولا يعول على نية، والثانية معاينة الاضطرار [ ص: 80 ] فلا ترى عملا منجيا ولا ذنبا مهلكا ولا سببا حاملا، والثالثة شهود انفراد الحق بملك الحركة والسكون والقبض والبسط والتفريق والجمع.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما علق تفويضه بالاسم العلم الجامع المقتضي للإحاطة، على ذلك بيانا لمراده بقوله مؤكدا لأن عملهم في مكرهم به عمل من يظن أن سبحانه لا يبصرهم [ولا ينصره] إن الله [و]كرر الاسم الأعظم بيانا لمراده بأنه بصير أي: بالغ البصر بالعباد ظاهرا وباطنا، فيعلم من يستحق النصرة لاتصافه بأوصاف الكمال، ويعلم من يمكر فيرد مكره عليه بما له من الإحاطة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية