[ ص: 230 ] سورة حم عسق وتسمى أيضا عسق والشورى
مقصودها
nindex.php?page=treesubj&link=24589_27129الاجتماع على الدين الذي أساسه الإيمان، وأم دعائمه الصلاة، وروح أمره الألفة بالمشاورة المقتضية لكل أهل الدين كلهم في سواء كما أنهم في العبودية لشارعه سواء، وأعظم نافع في ذلك الإنفاق والمؤاساة فيما في اليد، والعفو والصفح عن المسيء، والإذعان للحق وإن صعب وشق، وذلك كله الداعي إليه هذا الكتاب الذي هو روح جسد هذا الدين المعبر عما دعا إليه من محاسن الأعمال، وشرائف الخلال بالصراط المستقيم، وإلى ذلك لوح آخر آخر السورة الماضية حتى يتبين لهم أنه الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54ألا إنه بكل شيء محيط (وصرح ما في هذه من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23إلا المودة في القربى nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47استجيبوا لربكم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52نهدي به من نشاء من عبادنا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53ألا إلى الله تصير الأمور (وتسميتها بالشورى واضح المطابقة لذلك لما في الانتهاء وكذلك بالأحرف المتقطعة فإنها جامعة للمخارج الثلاثة: الحلق والشفة واللسان، وكذا
[ ص: 231 ] جمعها لصنفي المنقوطة والعاطلة، ووصفي المجهورة والمهموسة، وهي واسطة جامعة بين حروف أم الكتاب الذكر الأول، وحروف القرآن العظيم، وهذا المقصود هو غاية المقصود من أختها سورة مريم الموافقة لها في الابتداء بالتساوي في عدد الحروف المقطعة، وفي الانتهاء من حيث أن من اختص بمصير الأمور، كان المختص بالقدرة على إهلاك القرون، وذلك لأن مقصودها
nindex.php?page=treesubj&link=29693اتصافه تعالى بشمول الرحمة بإفاضة جميع النعم على جميع خلقه، وغاية هذا الاجتماع على الدين، ولما توافقتا في المقصود في الابتداء والانتهاء، واختصت الشورى بأن حروفها اثنان، دل سبحانه بذلك أرباب البصائر على أنه إشارة إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=28640الدين قسمان: أصول وفروع، دلت مريم على الأصول
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم،
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هل تعلم له سميا والشورى على مجموع الدين أصولا وفروعا شرع لكم من الدين ما وصى به
نوحا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13والذي أوحينا إليك (الآية، هذا موافقة البداية، وأما موافقة النهاية فهو أنهما ختمتا بكلمتين: أول كل منهما آخر الأخرى وآخر كل أول الأخرى وإيذانا بأن السورتين دائرة واحدة محيطة بالدين متصلة لا انفصام لها، وذلك أن آخر مريم أول الشورى وآخر الشورى أول مريم
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك (، الآية هو
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب [ ص: 232 ] ولا الإيمان (إلى آخرها هو
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمت ربك عبده زكريا (- إلى آخر القصة في الدعاء بإرث الحكمة والنبوة الذي روحه الوحي والله الهادي، وكذا تسميتها ببعضها بدلالة الجزء على الكل بسم الله (الذي أحاط بصفات الكمال، فنفذ أمره، فاستجاب له كل شيء طوعا أو كرها الرحمن (الذي عمت رحمته فهيأت عباده لقبول أمره الرحيم (الذي خص أولياءه بما ترتضيه الإلهية من رحمته، فجمع كلمتهم على دينه عقدا وفعلا ومآلا
[ ص: 230 ] سُورَةُ حم عسق وَتُسَمَّى أَيْضًا عسق وَالشُّورَى
مَقْصُودُهَا
nindex.php?page=treesubj&link=24589_27129الِاجْتِمَاعُ عَلَى الدِّينِ الَّذِي أَسَاسُهُ الْإِيمَانُ، وَأُمُّ دَعَائِمِهِ الصَّلَاةُ، وَرُوحُ أَمْرِهِ الْأُلْفَةُ بِالْمُشَاوَرَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِكُلِّ أَهْلِ الدِّينِ كُلِّهِمْ فِي سَوَاءٍ كَمَا أَنَّهُمْ فِي الْعُبُودِيَّةِ لِشَارِعِهِ سَوَاءٌ، وَأَعْظَمُ نَافِعٍ فِي ذَلِكَ الْإِنْفَاقِ وَالْمُؤَاسَاةِ فِيمَا فِي الْيَدِ، وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ الْمُسِيءِ، وَالْإِذْعَانِ لِلْحَقِّ وَإِنْ صَعُبَ وَشَقَّ، وَذَلِكَ كُلُّهُ الدَّاعِي إِلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي هُوَ رُوحُ جَسَدِ هَذَا الدِّينِ الْمُعَبِّرِ عَمَّا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ، وَشَرَائِفِ الْخِلَالِ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَإِلَى ذَلِكَ لَوَّحَ آخَرُ آخِرَ السُّورَةِ الْمَاضِيَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (وَصَرَّحَ مَا فِي هَذِهِ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (وَتَسْمِيَتُهَا بِالشُّورَى وَاضِحُ الْمُطَابَقَةِ لِذَلِكَ لِمَا فِي الِانْتِهَاءِ وَكَذَلِكَ بِالْأَحْرُفِ الْمُتَقَطِّعَةِ فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ لِلْمَخَارِجِ الثَّلَاثَةِ: الْحَلْقُ وَالشَّفَةُ وَاللِّسَانُ، وَكَذَا
[ ص: 231 ] جَمْعُهَا لِصِنْفَيِ الْمَنْقُوطَةِ وَالْعَاطِلَةِ، وَوَصْفَيِ الْمَجْهُورَةِ وَالْمَهْمُوسَةِ، وَهِيَ وَاسِطَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ حُرُوفِ أُمِّ الْكِتَابِ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ، وَحُرُوفُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ هُوَ غَايَةُ الْمَقْصُودِ مِنْ أُخْتِهَا سُورَةُ مَرْيَمَ الْمُوَافِقَةِ لَهَا فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسَاوِي فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، وَفِي الِانْتِهَاءِ مِنْ حَيْثُ أَنَّ مَنِ اخْتَصَّ بِمَصِيرِ الْأُمُورِ، كَانَ الْمُخْتَصُّ بِالْقُدْرَةِ عَلَى إِهْلَاكِ الْقُرُونِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا
nindex.php?page=treesubj&link=29693اتِّصَافُهُ تَعَالَى بِشُمُولِ الرَّحْمَةِ بِإِفَاضَةِ جَمِيعِ النِّعَمِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَغَايَةِ هَذَا الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدِّينِ، وَلَمَّا تَوَافَقَتَا فِي الْمَقْصُودِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَاخْتُصَّتِ الشُّورَى بِأَنَّ حُرُوفَهَا اثْنَانِ، دَلَّ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ أَرْبَابَ الْبَصَائِرِ عَلَى أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28640الدِّينَ قِسْمَانِ: أُصُولٌ وَفُرُوعٌ، دَلَّتْ مَرْيَمُ عَلَى الْأُصُولِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم،
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وَالشُّورَى عَلَى مَجْمُوعِ الدِّينِ أُصُولًا وَفُرُوعًا شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ
نُوحًا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (الْآيَةُ، هَذَا مُوَافَقَةُ الْبِدَايَةِ، وَأَمَّا مُوَافَقَةُ النِّهَايَةِ فَهُوَ أَنَّهُمَا خَتَمَتَا بِكَلِمَتَيْنِ: أَوَّلُ كُلٍّ مِنْهُمَا آخِرُ الْأُخْرَى وَآخِرُ كُلِّ أَوَّلٍ الْأُخْرَى وَإِيذَانًا بِأَنَّ السُّورَتَيْنِ دَائِرَةٌ وَاحِدَةٌ مُحِيطَةٌ بِالدِّينِ مُتَّصِلَةٌ لَا انْفِصَامَ لَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ آخِرَ مَرْيَمَ أَوَّلُ الشُّورَى وَآخِرَ الشُّورَى أَوَّلُ مَرْيَمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ (، الْآيَةُ هُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ [ ص: 232 ] وَلا الإِيمَانُ (إِلَى آخِرِهَا هُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (- إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ فِي الدُّعَاءِ بِإِرْثِ الْحِكْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ الَّذِي رُوحُهُ الْوَحْيُ وَاللهُ الْهَادِي، وَكَذَا تَسْمِيَتُهَا بِبَعْضِهَا بِدَلَالَةِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ بِسْمِ اللهِ (الَّذِي أَحَاطَ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، فَنَفَذَ أَمْرُهُ، فَاسْتَجَابَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا الرَّحْمَنُ (الَّذِي عَمَّتْ رَحْمَتُهُ فَهَيَّأَتْ عِبَادَهُ لِقَبُولِ أَمْرِهِ الرَّحِيمِ (الَّذِي خَصَّ أَوْلِيَاءَهُ بِمَا تَرْتَضِيهِ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَجَمَعَ كَلِمَتَهُمْ عَلَى دِينِهِ عَقْدًا وَفِعْلًا وَمَآلًا