ولما أمرهم بالمسارعة؛ وأتبعها علتها ونتيجتها؛ نهاهم عما يعوق عنها؛ من قبل الوهن؛ الذي عرض لهم عند رؤيتهم الموت؛ فقال - ويجوز أن يعطف على ما تقديره: "فتبينوا؛ واهتدوا؛ واتعظوا؛ إن كنتم متقين؛ وانظروا أخذنا لمن كان قبلكم من أهل الباطل؛ وإن كان لهم دول؛ وصولات؛ ومكر وحيل" -: ولا تهنوا ؛ أي: في جهاد أعدائكم الذين هم أعداء الله؛ فالله معكم عليهم؛ وإن ظهروا يوم "أحد"؛ نوع ظهور؛ فسترون إلى من يؤول الأمر؛ ولا تحزنوا ؛ أي: على ما أصابكم منهم؛ ولا على غيره؛ مما عساه ينوبكم؛ و ؛ الحال أنكم؛ أنتم الأعلون ؛ أي: في الدارين؛ إن كنتم مؤمنين ؛ أي: إن كان الإيمان - وهو التصديق بكل ما يأتي عن الله - لكم صفة راسخة؛ فإنهم لا يهنون؛ [ ص: 78 ] لأنكم بين إحدى الحسنيين - كما لم يهن من سيقص عليكم نبأهم؛ ممن كانوا مع الأنبياء قبلكم -؛ لعلوكم عدوكم؛ أما في الدنيا؛ فلأن دينكم حق؛ ودينهم باطل؛ ومولاكم العزيز الحكيم؛ الذي قد وعدكم الحق؛ الملك الكبير؛ لمن قتل؛ والنصر والتوزر لمن بقي؛ وهو حي؛ قيوم؛ ولا يخفى عليه شيء من أحوالكم؛ فهو ناصركم؛ وخاذلكم؛ وأما في الآخرة؛ فلأنكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ وهم في النار؛ عند ملائكة العذاب الغلاظ الشداد أبدا.