ولما كان من ضل عن الطريق، ومن ظن أنه على صواب لا يكاد [ ص: 430 ] يتمادى بل ينجلي له الحال عن قرب ضم إلى العجبين الماضيين عجبا ثالثا بيانا له على ما تقديره: ونملي لهذا العاشي استدراجا له وابتلاء لغيره ونمد ذلك طول حياته حتى وحقق الخبر بقوله: إذا ولما علم من الجمع فيما قيل أن المراد الجنس، وكان التوحيد أدل دليل على تناول كل فرد، فكان التعبير به أهول، وكان السياق دالا على من الضمير له قال: جاءنا أي العاشي، ومن قرأ بالتثنية أراد العاشي والقرين قال أي العاشي تندما وتحسرا لا انتفاع له به لفوات محله وهو دار العمل: يا ليت بيني وبينك أيها القرين بعد المشرقين أي ما بين المشرق والمغرب على التغليب - قاله وغيره، أو مشرق الشتاء والصيف أي بعد أحدهما عن الآخر; ثم سبب عن هذا التمني قوله جامعا له أنواع المذام: ابن جرير فبئس القرين أي إني علمت أنك الذي أضلني وأوصلني إلى هذا العيش الضنك والمحل الدحض وأحسست في هذا الوقت بذلك الذي كنت تؤذيني به أنه أذى [ ص: 431 ] بالغ، فكنت كالذي يحك جسمه لما به من قروح متأكلة حتى يخرج منه الدم فهو في أوله يجد له لذة بما هو مؤلم له في نفسه غاية الإيلام.