ولما كان التقدير: "فإذا فعلوا ما يحبه؛ أعطاهم مناهم؛ مما عزموا عليه لأجله"; استأنف الإخبار بما يقبل بقلوبهم إليه؛ ويقصر هممهم عليه؛ بأن من نصره هو المنصور؛ ومن خذله هو المخذول؛ فقال (تعالى): إن ينصركم الله ؛ أي: الذي له جميع العظمة؛ فلا غالب لكم ؛ أي: إن كان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - بينكم؛ أو لا؛ فما بالكم وهنتم لما صاح إبليس: إن محمدا قد قتل؟! وهلا فعلتم كما فعل - رضي الله (تعالى) عنه -؛ وكما فعل سعد بن الربيع أنس بن النضر - رضي الله (تعالى) عنه - حين قال: "موتوا على ما مات عليه نبيكم - صلى الله عليه وسلم -! فهو أعذر لكم عند ربكم"؛ وإن يخذلكم ؛ أي: بإمكان العدو منكم؛ فمن ذا الذي ينصركم من بعده ؛ أي: من نبي؛ أو غيره؛ ولما كان التقدير: "فعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين"؛ عطف عليه قوله: وعلى الله ؛ أي: الملك الأعظم؛ وحده؛ لا على نبي؛ ولا على قوة بعد؛ ولا بمال من غنيمة؛ ولا غيرها؛ فليتوكل المؤمنون ؛ أي: كلهم؛ فيكون ذلك أمارة صحة إيمانهم.